للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إن مات وعليه صوم) نذر (اسْتُحِبَّ لوليه قضاؤه) استُحِبَّ ولا يجب، وإنما يستحب أن يقضيه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيامُ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» (٢٦) وهذا خبر بمعنى الأمر، ولأن امرأة أتت إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وسألته أن أمها ماتت وعليها صوم نذر فهل تصوم عنها؟ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «نَعَمْ» (٢٧) يعني: صومي عنها، وشبه ذلك بالدين تقضيه عن أمها فإنه تبرأ ذمتها به فكذلك الصوم.

إذن الدليل عندنا حديثان؛ الحديث الأول حديث عائشة رضي الله عنها: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» وهذا خبر بمعنى الأمر.

والثاني حديث المرأة التي سألت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن أمها نذرت أن تصوم فلم تصم، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تقضيه.

فلو قال قائل: حديث عائشة أمر: «صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» فما الذي صرفه عن الوجوب؟

نقول: صرفه عن الوجوب قوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤] ولو أننا قلنا بوجوبه، بوجوب قضاء الصوم عن الميت، لزم من عدم قضائه أن تحمل وازرة وزر أخرى، وهذا خلاف ما جاء في القرآن، إذن يستحب لوليه أن يقضيه.

فإن لم يفعل قال: قد عافانا الله، قلنا له: أطعم عن كل يوم مسكينًا، يُطْعِم عن كل يوم مسكينًا قياسًا على صوم الفريضة.

وإن مات وعليه صوم فرض فهل يُقْضَى عنه؟

الجواب: لا يُقْضَى عنه؛ لأن المؤلف خصص هذا بصوم النذر، والعبادات ليس فيها قياس، ثم لا يصح القياس هنا أيضًا لأن وجوب النذر أخف من الوجوب بأصل الشرع، الوجوب بالنذر أخف من الوجوب بأصل الشرع، فلا يمكن أن يقاس الأثقل على الأخف؛ لأنه ما وجب بالنذر تدخله النيابة لخفته بخلاف الواجب بأصل الشرع فإن الإنسان مطالب به من قبل الله عز وجل، وهذا مطالب به من قبل العبد هو الذي ألزم نفسه به، فكان أهون ودخلته النيابة.

<<  <  ج: ص:  >  >>