الشيخ: سألت امرأةٌ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: إنَّ أُمَّها نَذَرَتْ صومَ شهرٍ، فلمْ تَصُمْ حتى ماتتْ، أفتصومُ عنها؟ قال:«أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ؟ ». قالت: نعم. قال:«اقْضُوا اللَّهَ»، فجعل النبيُّ صلى الله عليه وسلم النذر دَيْنًا، وإذا كان دَيْنًا وقد قاسَ الرسولُ عليه الصلاة والسلام دَيْنَ اللهِ على دَيْنِ الآدميِّ نقول: لا فَرْقَ بين دَيْنِ الصيامِ ودَيْنِ الصلاةِ؛ لعموم الحديث.
وقال بعض العلماء: إنَّ الصلاة والاعتكاف لا يُقْضَيانِ؛ لأنهما عبادتانِ بدنيَّتانِ لا يجبانِ بأصل الشرع، فلا يُقْضَيانِ، والمسألة محتملة؛ يعني أن التعليلات فيها متكافئة عندي، وكنتُ أَمِيلُ من قَبْلُ إلى أنها لا تُقضى -الاعتكاف ولا الصلاة- لأنها عبادةٌ لم تجبْ بأصل الشرع، لكنِّي تردَّدتُ الآن: هلْ تُقْضَى أو لا تُقْضَى؟
أمَّا الصومُ فواضحٌ، والحجُّ واضحٌ جاءتْ به السُّنَّة.
وأمَّا الاعتكافُ والصلاةُ فمَنْ أخذَ بعمومِ «أَرَأَيتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ؟ » قال: يُقضَى؛ لأن هذا نَذْرٌ، والنذرُ جعله النبيُّ عليه الصلاة والسلام مِن الدَّيْنِ، فيُقضى. ومَن قال: إنه عبادةٌ لم يكنْ لها وجوبٌ بأصل الشرع فلا تُقاس، قال: لا يُقضى.
وعلى هذا فيكون الاحتياطُ أيش؟
طالب: القضاء.
الشيخ: القضاء.
نَذَرَ شخصٌ أن يصوم شهر محرَّم فماتَ في ذي الحِجَّة؟
طالب: لا شيء عليه.
الشيخ: لماذا؟
الطالب: كالذي ماتَ قبل أنْ يأتي رمضان.
الشيخ: لأنه عيَّنَ وقتًا لَمْ يُدرِكه؛ رجلٌ نَذَرَ أنْ يصوم شهر محرَّم ولكنه مات في ذي الحجة، فهل يُقضى عنه؟ نقول: لا؛ لأنه مات قبل أنْ يُدرِك زمنَ الوجوب، كمَنْ ماتَ قبل أن يُدرِك رمضان.
***
نبدأ الآن بصوم التطوُّع، قال المؤلف رحمه الله تعالى:(بابُ صَوْمِ التطوُّع).