(صوم) مضافٌ، و (التطوُّع) مضافٌ إليه، والإضافة هُنا لبيانِ النوع؛ وذلك أنَّ الصومَ نوعانِ: فريضةٌ، وتطوُّع، وكلاهما بالمعنى العامِّ يُسمَّى تطوُّعًا؛ فإن التطوُّعَ فِعْلُ الطاعةِ، لكنَّه يُطْلَق غالبًا على الطاعة التي ليستْ بواجبةٍ، وإلَّا فإنَّ الأصلَ أنَّ التطوُّع يشمل الطاعةَ الواجبةَ والمستحبَّةَ، وبناءً على ذلك نقول: لا مُشاحَّة في الاصطلاح.
فإذا كان الفقهاء -رحمهم الله- جعلوا التطوُّع في مقابل الواجب، فهذا اصطلاحٌ ليس فيه محذورٌ شرعيٌّ، فيُمشَى عليه ويُقال: صلاةُ التطوُّعِ: كلُّ صلاةٍ ليستْ بواجبةٍ. صومُ التطوُّع: كلُّ صومٍ ليس بواجب. إذَنْ (صوم التطوُّع) يعني الصوم الذي ليس بواجب.
واعلم أنَّ مِن رحمة الله وحِكْمته أنْ جعلَ للفرائض ما يُماثلها من التطوُّع، وذلك من أجْل ترقيعِ الخلل الذي يحصُل في الفرائض من وجهٍ، ومن أجْل زيادة الأجرِ والثوابِ للعاملين من وجهٍ آخر؛ لأنه لولا مشروعيةُ هذه التطوعات لكان القيامُ بها بدعةً مُضِلَّةً، ولكنْ مِن نعمة الله أنْ شَرَعَ لعبادِهِ هذا التطوُّع.
وقد جاء في الحديث أنَّ التطوُّعَ تَكْمُل به الفرائضُ يوم القيامة.
ثم إنَّ صوم التطوُّع سَرَده المؤلف سردًا عامًّا بدون تفصيل، ولكنه ينقسم في الواقع إلى قِسْمينِ: تطوُّع مُطْلَق، وتطوُّع مُقَيَّد، والتطوُّع المقيَّد أَوْكَدُ من التطوُّع المطْلَق، كالصلاة أيضًا؛ التطوُّع المقيَّد أَفْضلُ من التطوُّع المطْلَق.
يقول المؤلف:(يُسَنُّ صيامُ أيامِ البِيضِ).
(يُسَنُّ) وهُنا نطلب أمرينِ: الأمر الأول: ثبوتُ استحبابها، والثاني: أنها ليستْ بواجبة.