فلو فُرِضَ أن هذا الرجل إذا صام يومًا وأفطر يومًا تخلَّف عن الجماعة في المسجد لأنه يتعبُ في آخِر النهار ولا يستطيع أنْ يَصِل إلى المسجد، فنقول له: لا تفعلْ؛ لأن إضاعةَ الواجبِ أعظمُ من إضاعةِ المستحبِّ، هذا مستحبٌّ لا تأثمُ بتَرْكه، فاتركه.
كذلك لو فُرِض أنه لو صام يومًا وأفطرَ يومًا انشغلَ بذلك عن مؤونةِ أهْلِهِ الذين تَلْزمه مؤونتُهم؛ يعني انقطعَ عن البيع والشراء، انقطعَ عن العمل، فإنَّنا نقول له: لا تفعلْ؛ لأن القيام بالواجب أهمُّ من القيام بالتطوع.
وقد التزمَ عبد الله بن عمرو بذلك حتى كَبِر، فتمنَّى أنه قَبِلَ رُخصة النبي صلى الله عليه وسلم أن يصوم من كل شهرٍ ثلاثةَ أيامٍ، حتى إنه اجتهدَ رضي الله عنه وصارَ يصومُ خمسةَ عَشَرَ يومًا متتابعةً ويُفطر خمسةَ عَشَرَ يومًا متتابعةً، ويرى أنَّ هذا بدلٌ عن صيام يومٍ وإفطارِ يومٍ، لكنْ مع ذلك تمنَّى أن يكون قَبِلَ رُخصة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.