للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونأخذ من هذا فائدةً، وهي أنَّ الإنسان لا يقيس نفسَه في مستقبله على حاضِره؛ فقد يكون الإنسان في أول العبادةِ نشيطًا يرى نفسَه أنه قادرٌ، ثم بعد ذلك يَلْحقه المللُ أو يَلْحقه ضعفٌ وتعبٌ ثم يندم، لهذا ينبغي للإنسان أن يكون عمله قصدًا، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام مرشدًا أُمَّتَه، قال: «اكْلَفُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ»؛ يعني لا تُكلِّفوا أنفسكم، وقال: «الْقَصْدَ»، «اسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ والرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ، والْقَصْدَ الْقَصْدَ تَبْلُغُوا»، وقال: «إِنَّ الْمُنْبَتَّ لَا أَرْضًا قَطَعَ وَلَا ظَهْرًا أَبْقَى»، الْمُنْبَتُّ: الذي يسير ليلًا ونهارًا، فهذا لا أرضًا قَطَعَ ولا ظهرًا أبقى. فالإنسان ينبغي له أن يقدِّر المستقبل، لا يقول: أنا الآن نشيط؛ مثلًا بأعمل كذا، مثلًا يقول: بأغيِّب القرآن، وكذا وكذا من الأحاديث، وزاد المستقنع، وأغيِّب ألفية ابن مالك، كلها أغيِّبها بأسبوع. هذا ما يصير هذا، أعطِ نفسك حقَّها، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: «أَحَبُّ الْعَمَلِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ»، وكثيرٌ من الناس يكون عنده رغبةٌ إما في العبادة أو طلبِ العلم أو غيرِ ذلك، ثم بعد هذا يكسل، فالذي ينبغي للإنسان أن يخطِّط للمستقبل كما يخطِّط للحاضر.

قال: (وأَفْضَلُهُ صَومُ يومٍ وفِطْرُ يومٍ)، وفي هذا الحديث دليلٌ على أنَّ يوم الجمعة صومُهُ ليس بحرامٍ، وأنَّ صوم يوم السبت ليس بحرامٍ؛ لأنه إذا صار يصوم يومًا ويُفطِر يومًا سوف يصادفُ الجمعة والسبت، لذلك يتبيَّن أنَّ صومهما ليس بحرامٍ، وإلا لَقال الرسول عليه الصلاة والسلام: صُمْ يومًا وأَفْطِر يومًا ما لم تصادف الجمعة والسبت.

***

ثم قال: (ويُكره إفرادُ رجبٍ) بالصوم، لماذا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>