للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ نَظَرْنا إلى حديث المرأة قال: «أَصُمْتِ أَمْسِ؟ ». قالت: لا. قال: «أَتَصُومِينَ غَدًا؟ ». قالت: لا. قال: «فَأَفْطِرِي». فإنَّ هذا قد يؤخذ منه أنه يُكره إفرادُها وإنْ كان في الأيام الأخرى لا يستطيع، وقد لا يؤخذ منه فيُقال: إنَّ قول الرسول «أَصُمْتِ أَمْسِ؟ » أو «أَتَصُومِينَ غَدًا؟ » يدل على أنها قادرةٌ على الصوم.

فالحاصل أنه إذا أَفْرَدَ يومَ الجمعة بصومٍ لا لقَصْدِ الجمعةِ، ولكنْ لأنه اليوم الذي يحصُل فيه الفراغُ، فالظاهر -إن شاء الله- أنه لا يُكره وأنه لا بأس.

وقوله: (والسبت) أيضًا يُكره إفرادُه، وأمَّا جَمْعُه مع الجمعة فلا بأس؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أَتَصُومِينَ غَدًا؟ »، فدلَّ هذا على أن صومه مع الجمعة لا بأس به.

وهذه المسألة قد يُلْغَز بها ويُقال: يومانِ إنْ أُفْرِدَ أحدُهما كُرِهَ، وإن اجتمعا فلا كراهة. مع أنَّ الذي يتبادر أنَّ المكروه إذا ضُمَّ إلى مكروهٍ ازدادت الكراهة، لكن هذا إذا ضُمَّ المكروهُ إلى مكروهٍ زالت الكراهة، وذلك لأن الكراهة إنما هي في الإفراد، فإذا صار الجمعُ فلا كراهة.

إفرادُ يوم السبت، ما الدليل على كراهته؟

الدليل: يقول: «لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلَّا فِيمَا افْتُرِضَ عَلَيْكُمْ»، ونحن إذا نَظَرْنا إلى هذا الحديث وإلى ظاهرِ هذا الحديث قُلنا: إنَّ صوم يوم السبت في النافلة منهيٌّ عنه سواء أَفْرده أو ضمَّه إلى يوم الجمعة أو إلى يوم الأحد.

ولكنْ يُقال: هذا النهيُ لِنفرضْ أنه عامٌّ، فإذا وَرَدَ ما يدلُّ على التخصيص وهو جواز صوم يوم السبت مع الجمعة كان مخصِّصًا لهذا العموم.

<<  <  ج: ص:  >  >>