وقد اختلف العلماء في هذا الحديث؛ فمنهم مَن قال: إنَّه منسوخٌ، ومنهم مَن قال: إنَّه ضعيفٌ، ومنهم مَن قال: إنَّه شاذٌّ. ولكن يُقال: لا حاجة إلى هذا كلِّه، الحديث لا بأس به، ولكنْ يُحمَل على ما إذا أَفْرده؛ بدليل ما ثبتَ في الأحاديث الأخرى مِن أنَّه إذا ضُمَّ إليه يومُ الجمعة فلا بأس به.
فإذا قال قائل: كيف تقتصرون على الكراهة مع النهي؟
قُلنا: نقتصر على الكراهة مع النهي لأنَّه لو كان النهيُ للتحريم لم يَزَل التحريمُ بضمِّه إلى يومٍ آخَر، فهذا يدلُّ على أنَّ النهي فيه خفيفٌ، بدليل أنَّه يصح صومُه أو يجوز صومُه مع ضمِّه إلى يوم آخَر.
وقوله:(ويوم الشكِّ) يعني: يُكره صومه.
والكلام الآن: ما هو يوم الشك؟
قيل: إنَّ يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان إذا كان في السماء ما يمنع رؤيةَ الهلال كغَيْمٍ وقَتَرٍ.
وقيل: إنَّ يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان إذا كانت السماءُ صَحْوًا.
وأيُّهما أَقْرب؟
طلبة: الأول.
الشيخ: الأول أقربُ؛ لأنه إذا كانت السماءُ صَحْوًا وتراءى الناسُ الهلالَ ولم يَرَوْه لم يَبْقَ عندهم شكٌّ أنه لم يَهِلَّ، فالشكُّ يكون إذا كان هناك ما يمنع رؤية الهلال.
ولكنْ لَمَّا كان فقهاؤنا رحمهم الله يرون أنه إذا كان ليلة الثلاثين يحولُ بين رؤيةِ الهلال ما يمنع رؤيتَه فإنه يجب صومُه؛ حملوا الشكَّ على ما إذا كانت السماءُ صَحْوًا، وهذه آفةٌ في الحقيقة يَلْجأ إليها بعض العلماء، وسبب هذه الآفة أنَّ الإنسان يعتقد قَبْل أنْ يستدلَّ، وهذا خطأ، الواجب أنْ تجعل اعتقادك تابعًا للدليل، فتستدلَّ أولًا ثم تعتقدَ ثانيًا وتحكمَ ثانيًا.
فالصواب بلا شك أن يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان إذا كان في السماء ما يمنع رؤية الهلال، وأمَّا إذا كانت السماء صَحْوًا فلا شك.
بقي أن يُقال: هل صومُه مكروهٌ كما قال المؤلف أو محرَّم؟