نقول: في هذا خلافٌ بين العلماء؛ فمنهم مَن قال: إنه محرَّم، ومنهم مَن قال: إنه مكروهٌ. والصحيح أنَّ صومه محرَّم إذا قصد به الاحتياط لرمضان، ودليلُ ذلك قولُ عمار بن ياسر رضي الله عنه: مَنْ صامَ اليومَ الذي يُشَكُّ فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم، وثَبَتَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلَا يَوْمَيْنِ، إِلَّا رَجُلًا كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ».
وعلى هذا فإذا صامَ يومَ الشكِّ احتياطًا لرمضان فإنَّ ذلك يكون حرامًا عليه؛ لأنه نوعٌ من التعدِّي لحدود الله؛ فإن الله يقول في كتابه:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}[البقرة: ١٨٥]، ورسوله صلى الله عليه وسلم يقول:«إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ».
***
(ويَحْرُمُ صومُ العيدَيْنِ) لنهْيِ النبيِّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن ذلك؛ فقد ثبت عنه أنه نهى عن صوم يوميِ العيدين: عيد الفطر وعيد الأضحى، وأجمعَ العلماء -رحمهم الله- على أنَّ صومهما محرَّم،
فلا يجوز للإنسان أنْ يصوم يوم العيد.
ولكنْ لو أنَّه كان يومُ العيد عندنا هنا، وكان في شرق آسيا مثلًا ليس يوم العيد، هل يحرُم عليهم الصوم؟
نقول: على رأي مَن يرى أنه إذا ثبتت الرؤية في مكانٍ من الأرض بطريقٍ شرعيٍّ فهي للجميع يكون صومُ الذين في شرق آسيا حرامًا؛ لأن هذا اليومَ يومُ عيدٍ لهم، وإذا قُلنا: إنَّ كلَّ قومٍ لهم رؤيتُهم، وهم لم يَرَوْه ونحن رأيناه؛ فإنه لا يَحْرُم عليهم ويَحْرُم علينا نحن.