لكنْ لا نقول للإنسان: إذا كان يُمْكنك أن تسخِّن الماء فالأفضل أنْ تذهب إلى الماء الثلج وتتوضأ به. لا نقول هذا، ما دامَ اللهُ يَسَّرَ عليك فيَسِّرْ على نفْسِك.
الشاهد من هذا أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم أَمَره أنْ يصلِّي في مكة حتى ألَحَّ عليه فقال:«شَأْنَكَ».
قال المؤلف -رحمه الله- (ولا يَلْزمُ في النَّفْل).
يعني: لا يَلْزم الإتمام في النفْل؛ ودليل ذلك: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم دخلَ على أهْله ذاتَ يومٍ فقال: «هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ ». قالوا: نعم، عندنا حَيْسٌ، قال:«أَرِينِيهِ». يقول لعائشة:«فَلَقَدْ أَصْبَحْتُ صَائِمًا». فأرتْهُ إيَّاه فأكلَ، وهذا الصومُ نفْلٌ، فقَطَعه النبيُّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأَكَل، فدلَّ هذا على أنَّ النفْل أَمْره واسعٌ للإنسان أنْ يقطعه.
ولكن العلماء يقولون: لا ينبغي أنْ يقطعه إلا لغرضٍ صحيحٍ. واستدلُّوا لذلك بعموم قوله تعالى:{وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}[محمد: ٣٣].
واستدلُّوا أيضًا بأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن عمرو:«لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ؛ كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ»، فإذا كان النبيُّ عليه الصلاة والسلام انتقده لتَرْكِ قيامِ الليلِ فكيف بمن تَلَبَّسَ بالنافلة؟ ! يكون انتقادُه إذا تَرَكَها مِن باب أَوْلى، ولهذا نقول للإنسان إذا شَرَعَ في النافلة: لا تقطعْها إلا لغرضٍ صحيح.
وهلْ من الغرض إذا دخلَ في الصلاة فنادتْه أُمُّه، هل من الغرض الصحيحِ أنْ يَرُدَّ عليها فيقطع الصلاة؟