قال:(ولا يلزم في النفل) أي لا يلزم الإتمام في النفل، (ولا قضاء فَاسِدِهِ) يعني: لو فسد النفل فإنه لا يلزمه القضاء.
مثال ذلك: رجل صام تطوعًا ثم أفسد الصوم بأكل أو شرب أو جماع أو غير ذلك، فإنه لا يلزمه القضاء؛ لأنه لو وجب القضاء لوجب الإتمام، فإذا كان لا يجب الإتمام فلا يجب القضاء من باب أولى.
وكذلك لو شرع في صلاة نافلة ثم أفسدها بحدث أو قطع أو غير ذلك فإنه لا يلزمه القضاء؛ لأنها نافلة.
وإن شرع في صوم منذور فهل يجوز قطعه؟
طلبة: لا يجوز.
الشيخ: لماذا؟
الطلبة: لأنه واجب.
الشيخ: لأنه واجب فإن قطعه لزمه القضاء.
قال المؤلف:(إلا الحج) يعني إلا الحج فإنه يلزم إتمامه ولو كان نفلًا ويجب قضاء فاسِدِه، ولو كان نفلًا؛ لقوله تعالى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} يعني عن إتمامهما {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}[البقرة: ١٩٦]، وهذه الآية نزلت قبل فرض الحج؛ لأنها نزلت في السنة السادسة في الحديبية، والحج إنما فُرِض في السنة التاسعة أو العاشرة، ومع هذا أمر الله بإتمامهما مع أنهما نفل لم يفرضا بعد، فالحج إذا شرع فيه لزمه الإتمام ولو كان نفلًا، والدليل قوله تعالى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}[البقرة: ١٩٦]، الحكمة من ذلك أن الحج والعمرة لا يحصلان إلا بمشقة، ولا سيما فيما سبق من الزمن، فلا ينبغي للإنسان بعد هذه المشقة أن يفسدهما؛ لأن في ذلك خسارة فادحة، بخلاف الصلاة، أو الصوم، أو ما أشبه ذلك.
بل قوله:(إلا الحج) لم يذكر المؤلف العمرة، فهل هذا من باب الاكتفاء، أو هناك قول آخر بأن العمرة لا تجب؟
الظاهر أنه من باب الاكتفاء، والعمرة تسمى حجًّا أصغر كما في حديث عمرو بن حزم المشهور المرسل الذي تلقته الأمة بالقبول فإن فيه: والعمرة الحج الأصغر (٤)، وعليه فالعمرة مثل الحج إذا شرع في نفلها لزمه الإتمام، وإن أفسده لزمه القضاء.