ولو أن قائلًا يقول: نُقدِّر النفقة بالسِّنَة كما قدَّروها في باب الزكاة؛ أن الفقير مَن لا يجد كفايته سَنَة؛ الفقير والمسكين، لو قال قائل بهذا لم يكن بعيدًا بأن نقول: إذا كان عنده من النقود ما يكفيه وعائلته لسنة، فزاد على ذلك شيء فإنه يلزمه أن يَحُج، وإن كان دون ذلك فإنه لا يلزمه؛ وذلك لأنه لا يخرج عن كونه فقيرًا إذا لم يكن عنده إلا دون ما يكفيه السنة.
الثالث: يقول: (الحوائج الأصلية)؛ لا بد أن يكون ما عنده زائدًا عن الحوائج الأصلية؛ الحوائج الأصلية يعني: التي يحتاجها الإنسان كثيرًا لأن هناك حوائج أصلية وحوائج فرعية؛ مثال الحوائج الأصلية: الكتب، أقلام، ساعات، سيارة، وما أشبه ذلك، هذه من الحوائج الأصلية، هي غير ضرورية، لكنها أصلية لا بد لحياة الإنسان منها.
فمثلًا طالب العلم عنده كتب يحتاجها للمراجعة والقراءة، فلا نقول له: بع كتبك وحُج، طيب لو كان عنده نسختان فهل نقول: بع إحدى النسختين لتحج أو لا؟
نعم نقول: بع إحدى النسختين، فإن كانتا مختلفتين قلنا: اختر ما تراه أنسب لك، وبع الأخرى؛ لأن ما زاد على النسخة الواحدة لا يعتبر من الحوائج الأصلية، فإذا كانتا مختلفتين قلنا: انظر ما تختاره فأبقيه والباقي بِعْه.
عنده أيضًا سيارتان لا يحتاج إلا واحدة، نقول: بع واحدة وحج بها وأبقِ الأخرى، فإن كانتا مختلفتين فليبع إحداهما، الذي يختار لنفسه يبقيه والذي لا يختار لنفسه يبيعه.
طيب، الصانع هل يبيع آلات الصنعة ليَحُج بها؟
لا يلزمه، لكن لو كان عنده آلات كبيرة يمكن أن يقتات بآلات أصغر منها، فهل يلزمه أن يبيع؟