للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقول: يلزمه أن يبيع ما يزيد على نفقته إلا إذا قلنا بأن الحج لا يجب على الفور، فهنا له أن يبقي هذه الآلات الكبيرة ويحج مِنْ استثمارها؛ لأن الآلات الكبيرة يكون استثمارها كثيرًا، فحينئذ له أن يحج، حتى لو قلنا أيضًا: إن الحج على الفور فالذي يتوجه عندي أن له أن يُبْقِي الآلات الكبيرة لأن استثمارها أكثر، ولأنه ربما يظن أن الآلات الصغيرة كافية في هذا الوقت، ثم يأتي وقت آخر لا تكفي، فيكون في ذلك ضرر عليه، وآلات الصانع تُعْتَبر من أصول المال التي يحتاج إليها.

فالذي يظهر أنه إذا كان عنده آلتان؛ آلة كبيرة يستثمر منها أكثر وآلة صغيرة تكفيه لقوته، فإننا لا نقول له: بع الآلات الكبيرة، واشترِ الصغيرة، بل نقول: أَبْقِها ولا حرج، واستثمارها سيكون كثيرًا، ويمكن إذا لم تحج هذا العام أن تحج في العام القادم.

ثم قال المؤلف رحمه الله: (وَإِنْ أعْجَزَهُ كِبَرٌ، أوْ مَرَضٌ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ لَزِمَهُ أَنْ يُقِيمَ مَنْ يَحُجُّ عنه ويَعَتَمِرُ).

(إن أعجزه كبر)؛ يعني: مع توافر المال لديه، فهو قادر بماله غير قادر ببدنه؛ ولهذا قال: (أعجزه كبر)، ولم يقل: (أعجزه فقر)، بل قال: (كبر)، فهو رجل غني لكن لا يستطيع أن يحج بنفسه لأنه كبير، لا يستطيع أن يحج بنفسه لأنه مريض، لكنْ مرض لا يُرْجَى برؤُه، فإنه يلزمه أن يُقِيم مَنْ يَحُج ويعتمر عنه.

وفُهِمَ من قوله: (لا يُرْجَى برؤُه) أنه لو كان يرجى برؤُه فإنه لا يلزمه أن يقيم مَنْ يحج عنه، لكن هل يلزمه أن يَحُجَّ بنفسه؟ لا؛ لأنه يعجزه، لكن مرضه يرجى برؤه فيجوز أن يؤخر الحج هنا لأنه تسقط عنه الفورية لعجزه، ويلزمه أن يحج بنفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>