للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن أقام عنه غنيًّا لم يُؤَدِّ الفرض عن نفسه فإنه لا يجزئه، والدليل حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: سمع رجلًا يُلَبِّي يقول: لبيك عن شبرمة، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أَحَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ؟ » قال: لا، قال: «حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ، ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرَمَةَ» (١)، وفي بعض ألفاظ الحديث: «اجْعَلْهَا لِنَفْسِكَ» (٢)، وفي بعض ألفاظ الحديث: «هَذِهِ لِنَفْسِكَ، ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ» (٣).

وهذا الحديث اختلف العلماء في رفعه ووقفه، واختلفوا في تصحيحه وتضعيفه؛ فمنهم من قال: إنه ضعيف لأنه مضطرب لاختلاف ألفاظه؛ ففي بعضها: «حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ، ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ»، وفي بعضها: «هَذِهِ لِنَفْسِكَ»، وفي بعضها: «اجْعَلْهَا لِنَفْسِكَ»، قالوا: وهذا اضطراب يتغير به الحكم.

وقال بعضهم: إن رفعه خطأ وإنه لا يصح إلا موقوفًا على ابن عباس رضي الله عنهما، وقالوا: إنه لا وجه للمنع، أي: مَنْع مَنْ لم يحج عن نفسه من أن يحج عن غيره؛ يعني: لا وجه أن نمنعه من أن يحج عن غيره؛ بدليل أن الإنسان لو أَدَّى الزكاة بالوكالة عن غيره قبل أن يؤدي زكاة نفسه لكان ذلك جائزًا، فما المانع؟ ! ولكن نقول: لا شك أن الأَوْلى والأليق بالمرء ألا يكون نائبًا عن غيره فيما هو فرض عليه حتى يؤديَ فرضه أولًا.

سواء صح هذا الحديث مرفوعًا أو صحَّ موقوفًا أو لم يصح، فإن النظر يقتضي أن يقدم الإنسان نفسه على غيره لعموم: «ابْدَأْ بِنَفْسِكَ» (٤)، ونفسك أحق من غيرك، لكن على المذهب يشترط هذا الشرط: أن لا يكون النائب لم يُؤَدِّ فرض الحج، فإن أقام من لم يؤدِّ فرض الحج فإن ذلك لا يصح.

طيب لو فرضنا أن هذا الذي أُقِيم وهو لم يؤدِّ فرض الحج حج وقال: لبيك عن فلان؛ عن الذي وكله، فماذا يكون العمل؟

<<  <  ج: ص:  >  >>