للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفُهم من كلام المؤلف أنه إن عوفي قبل الإحرام فإنه لا يجزئ عن المنيب، لماذا؟

نقول: لأنه لم يَشرع في النسك الذي هو الواجب، فصار وجوب الحج على المنيب بنفسه قبل أن يشرع هذا في النسك الذي أنابه فيه فلزمه أن يحج بنفسه.

ولكن يبقى عندنا إشكال؛ هذا النائب الآن قد تكلف وسافر إلى مكة ووصل إلى الميقات، ولكنه لم يُحْرِم بعد، ماذا تكون حاله بالنسبة للنفقة ذهابًا وإيابًا؟ ثم إن هذا الرجل -أعني النائب- سوف يقول في إحرامه: لبيك عن فلان.

نقول: جواب هذا الإشكال: إذا علم النائب بأن المنيب قد عوفي قبل أن يُحرِم فما فعله بعد ذلك فهو على نفقته؛ لأنه علم أنه لا يجزئه حجه عن منيبه، وأما ما عمله قبل ذلك من النفقات فإنه على المنيب.

مثال ذلك: لنفرض أنه أنفق منذ سافر من البلد إلى أن وصل إلى الميقات ألف ريال، ثم عوفي صاحبه قبل أن يحرم؟

نقول: الآن لا يجزئ أن يحرم عنه، فعلى المنيب كم؟ ألف ريال؛ لأن هذا أنفقها بأمره قبل أن ينفسخ أو قبل أن تنتهي مدة نيابته، ما بعد ذلك يكون على النائب إن استمر في السير.

أما إذا رجع فالرجوع على من؟ نفقة الرجوع على المنيب؛ لأن هذا النائب إنما سعى من البلد لمصلحة المنيب، فما غرمه فإنه يكون على هذا المنيب، وبذلك يزول الإشكال.

فإن قُدِّر أن النائب لم يعلم بشفاء صاحبه واستمر، وأدى الحج، فماذا يصنع الآن؟

نقول: هذا الحج لا يجزئ عن المنيب، لكنه يكون نفلًا في حقه، وتلزمه النفقة أو الأجرة التي قدرها للنائب، تلزم المنيب؛ لأن هذا النائب لم يعلم، وتصرُّف الوكيل قبل علمه بانفساخ الوكالة أو زوالها يكون صحيحًا نافذًا، كما لو وكلت شخصًا يبيع لك شيئًا، ثم عزلته عن الوكالة ولم يعلم بالعزل حتى تصرف فإن تصرفه يكون صحيحًا استنادًا على الوكالة الأولى التي لم يعلم بأنها فسخت.

قال: (ويُشْتَرَط لوجوبه على المرأة وجود محرمها)، الضمير في قوله: (لوجوبه) يعود على الحج، وكذلك العمرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>