(من لزماه) يعني: من تمت الشروط في حقه؛ وجوب الحج أو العمرة، ثم مات فإنهما تخرجان (من تركته). قبل الإرث؟ قبل الإرث. وقبل الوصية؟ نعم؛ لأن ذلك دَيْن لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«دَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ»(٨)، فيؤخذ من تركته ما يكفي للحج، وما بقي فإنه للوصية والورثة.
وهل يشترط أن يوصي بذلك أو يُخْرج من تركته سواء أوصى أو لم يوصِ؟
الجواب: الثاني؛ أنه يخرج من تركته سواء أوصى أو لم يوص، كما أنه لو كان عليه دين أخرجناه من تركته سواء أوصى به أم لم يوص به.
***
[باب المواقيت]
ثم قال المؤلف رحمه الله:(بَابُ المَوَاقِيْتِ).
(المواقيت) جمع ميقات، وهو مأخوذ من الوقت، وهو زماني ومكاني؛ يعني: قد يراد بالميقات الوقت الزمني، وقد يراد به المكان، وهو هنا يراد به الزمان ويراد به المكان.
قال المؤلف:(وميقات أهل المدينة ذو الحليفة).
(ميقات) مبتدأ و (ذو) خبر، و (الحليفة) تصغير الحِلْفَاء، وهو شجر بري معروف، وسمي هذا المكان بهذا الاسم لكثرته فيه، تبعد عن المدينة ستة أميال أو سبعة، وتبعد عن مكة عشرة أيام، وعلى هذا فهي أبعد المواقيت عن مكة.
(وأهل اليمن وأهل الشام ومصر والمغرب الجحفةُ).
ما الذي جاء بأهل مصر والمغرب إلى الجحفة؟
لأنه لم تكن هناك قناة السويس، كانت القارة الأفريقية والآسيوية يمكن العبور من واحدة لأخرى عن طريق البر؛ يعني ليس فيه قناة السويس، فيأتي أهل الشام من طريق البر، وكذلك أهل المغرب من طريق البر ويمرون بالجحفة.
والجحفة قرية قديمة اجتحفها السيل واجترفها وزالت، وكذلك أيضًا حَلَّ بها الوباء الذي دعا النبي صلى الله عليه وسلم أن ينقله من المدينة إلى الجحفة فقال:«اللَّهُمَّ انْقُلْ حُمَّاهَا -أي حمَّى المدينة- إِلَى الْجُحْفَةَ»(٩)، لأنها كانت إذ ذاك بلاد كفر، أو أهلها غالبهم كفار، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم أن ينقل الله حمى المدينة إليها.