عَقَد مُحْرِم لِمُحِلٍّ ومُحِلَّة؛ يعني الزوجان حلال؟
الطلبة: حرام.
الشيخ: حرام أيضًا، والدليل هو هذا.
فإن قال قائل: كيف نقول هذا وقد ثبتَ أن النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ (١٦)، روى ذلك عبد الله بن عباس ابنُ أخت ميمونة، وهو عالِمٌ بحالها.
قُلْنا: الجواب على ذلك من وجهين: الوجه الأول: سبيلُ الترجيح، والوجه الثاني: سبيل الخصوصية.
أمَّا الأول -وهو سبيل الترجيح- فإن الراجح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تزوَّج ميمونة وهو حلالٌ لا حرام ٌ، والدليل على هذا أن ميمونة نفسها روتْ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم تزوَّجها وهو حلالٌ (١٧)، وأن أبا رافعٍ السفيرَ بينهما -يعني الواسطة بينهما- أخبرَ أن النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم تزوَّجها وهو حلال، وعلى هذا فيُرجَّح ذلك؛ لأن صاحب القصة والمباشر للقصة أدرَى بها مِن غيره.
فأمَّا حديث ابن عباس فإننا نقول: إن ابن عباس لم يعلم بأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تزوَّجها إلا بعد أن أَحْرم الرسولُ، فظنَّ أن الرسول تزوَّجها وهو مُحْرِم بناءً على عِلْمه حيث لم يعلم إلا بعد أن أحرمَ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا الوجه كما ترون قويٌّ واضحٌ ولا إشكال فيه.
الجواب الثاني: أن مِن خصائص الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنْ يتزوَّج وهو مُحْرِم؛ لأنه أَمْلَكُ الناسِ لإرْبِهِ، غيرُه لو تزوَّجَ وهو مُحْرِم لدعته نفسُه وشدةُ شهوته أنْ يتَّصِل بامرأته وربما جامَعَها، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام مُحَالٌ منه ذلك، فهو أَمْلَكُ الناسِ لإرْبِهِ، فكان تزوُّجُه في حال الإحرام من أيش؟
الطلبة: خصائصه.
الشيخ: من خصائصه، والرسول عليه الصلاة والسلام له في النكاح خصائصُ متعدِّدة.
وهل حَمْلُه على التخصيص أَمْرٌ غريبٌ بحيث لا نوافق عليه أو لا؟