ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلَا يُحَشُّ حَشِيشُهَا وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهَا»(٥)، وكل هذا تأكيد لحرمة هذا المكان، وأنه حتى الجماد بل حتى الأشجار محترمة والصيود محترمة، ولولا رحمة الله عز وجل لكانت كل الحيوانات محترمة، لكن هذا فيه مشقة على الناس، فحرم الصيد فقط.
وقول المؤلف:(شجره) هنا الشجر مضاف إلى الحرم، فيفيد أن المحرِم ما كان من شجر الحرم، لا من شجر الآدمي، وعلى هذا فما غرسه الآدمي أو بَذَرَه من الحبوب فإنه ليس بحرام، لماذا؟ لأنه ملكه، ولا يضاف إلى الحرم، يضاف إلى مالكه.
وقول المؤلف:(وحشيشه) نقول فيها ما قلنا في (شجره): إن الحشيش مضاف إلى الحرم، فالحشيش الذي نبت بفعل الآدمي ليس بحرام.
وقوله:(الأخضرين) صفة للشجر والحشيش.
والمراد: ما فيهما الحياة والنمو، سواء كانَا أخضرين أم غير أخضرين؛ لأن من الأشجار ما ليس بأخضر، وكذلك من الزروع أو الحشيش ما ليس بأخضر، فالمراد بالأخضر هنا ما فيه الحياة، فخرج بذلك ما كان ميتًا، فإنه حلال، فلو رأيت شجرة قد ماتت فهي حلال، ولو رأيت غصنًا منكسرًا تحت الشجرة فهو حلال؛ لأنه انفصل وهلك.
ولكن قال العلماء: ما قطعه الإنسان من أشجار الحرم فإنه حرام؛ لأنه أخذ بغير حق.
وقول المؤلف:(إلا الإذخر) والإذخر نبت معروف يستعمله أهل مكة في البيوت، والقبور، والحدادة.
أما الحدادة: فلأنه سريع الاشتعال، فيشعلون به النار من أجل أن تشتعل في الفحم والخشب.
وأما في القبور: فإنهم يجعلونه فيما بين اللبنات؛ ليمنع من تسرب التراب إلى الميت.
وأما في البيوت: فيجعلونه فوق الجريد؛ لئلا يتسرب الطين من بين الجريد فيختل السقف.