للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه أدلة أربعة استدلوا بها على وجوب الطهارة للطواف، وهو قول أكثر أهل العلم؛ على أنه لا يصح الطواف إلا بطهارة، وأنه لو طاف وهو محدِث حدثًا أصغر أو أكبر فإن طوافه لا يصح، مع أنه حرام عليه أيضًا.

وذهب بعض أهل العلم إلى أن الطواف لا تُشْتَرَط له الطهارة، ولا يحرُم على المحدِث، وإنما الطهارة فيه أكمل.

قالوا في دليلهم على ذلك: إن الأصل براءة الذمة حتى يقوم دليل على تحريم هذا الفعل إلا بهذا الشرط. وهنا لا دليل؛ لأنهم سيناقشونهم في أدلتهم، فلم يقل النبي عليه الصلاة والسلام يومًا من الدهر: لا يقبل الله طوافًا بغير طهور، ولم يقل: لا تطوفوا حتى تَطَهَّرُوا، وإذا كان كذلك فإننا لا نُلْزِم الناس بأمر لم يكن لنا فيه دليل بَيِّن على إلزامهم به، لا سيما في الأحوال الحرجة، كما لو انتقض وضوء الطائف في الزحمة الشديدة في أيام الموسِم، ففي هذه الحال إذا قلنا بالوجوب بطل وضوؤه، ولزمه أن يذهب ويتوضأ من جديد، ويعيد الطواف من جديد.

وأجاب هؤلاء القائلون بأنه لا تشترط الطهارة للطواف وأنه ليس بحرام، أجابوا عن أدلة القائلين بتحريم الطواف بغير وضوء، قالوا: أما فعل الرسول عليه الصلاة والسلام فإنه مجرد فعل، والفعل المجرَّد لا يدل على الوجوب، ونحن معكم في أن الأفضل ألَّا يطوف إلا على طهارة، لكن من قال: إن من طاف لا يصح طوافه؟ نحن نوافقكم على هذا، وأن الأفضل ألَّا تطوف إلا على وضوء.

<<  <  ج: ص:  >  >>