للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعض العلماء: إنه لا يُشْتَرَطُ التعيين، تُشْتَرَطُ نية الطواف، لكن لا يُشْتَرَطُ التعيين؛ لأن الطواف جزء من العبادة، فكانت النية الأولى محيطة بالعبادة بجميع أجزائها، وقاسَ ذلك على الصلاة، قال: الصلاة فيها ركوع، فيها سجود، فيها قيام، فيها قعود، فهل يجب أن يَنْوِيَ لكل ركن من أركانها نية مستقلة، أو تكفي النية الأولى؟ النية الأولى تكفي، وعلى هذا فإذا نوى العمرة كانت هذه النية شاملة للعمرة من حين أن يُحْرِم إلى أن يَحِلَّ منها.

فإذا جاء إلى البيت الحرام وطاف، وغاب عن قلبه أنه للعمرة أو لغير العمرة، فعلى هذا القول يكون الطواف صحيحًا، وهذا القول هو الراجح؛ أنه لا يُشْتَرَطُ تعيين الطواف ما دام متلبِّسًا بنُسُك؛ لأن هذا الطواف جزء من العبادة، فدخل في بقيتها.

وهذا في الحقيقة مع كونه الراجح نظرًا هو الأيسر بالناس؛ لأن الإنسان مع الزحام والضنك ربما يغيب عن ذهنه أنه نوى أن يطوف للعمرة مثلًا، فلو قلنا بالقول الأول الذي هو لا بد من تعيين الطواف للنسك المعيَّن لكان في هذا مشقة على الناس، أما إذا قلنا بالقول الراجح؛ أن نية العبادة تنسحب على جميع العبادة بجميع أجزائها، فلا شك أن هذا أيسر للناس.

وهذا نظير مسألة مرت علينا في الصلاة، وهي؟ اذكروها.

طالب: إذا دخل الإنسان في صلاة الظهر ولم يعيِّن هذه الصلاة، فعلى المذهب أنه لا بد التعيين وإلا صلاته تكون باطلة، وأما على القول الثاني فإنها تصح.

الشيخ: يعني لو دخل في صلاة الظهر بنية أنها فرض الوقت، وغاب عن ذهنه تعيين الظهر، فإن القول الراجح أنها تجزئ وتصح؛ لأنك لو سألت هذا الرجل: ماذا أردت بهذه الصلاة؟ لكان الجواب: الظهر، والإنسان قد يَذْهَلُ عن التعيين، وقد يأتي والإمام راكع مثلًا، فيدخل في الصلاة بسرعة، ولا يتمكن من تعيين النية.

<<  <  ج: ص:  >  >>