للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما تولى خلافة الحجاز عبد الله بن الزبير رضي الله عنه هدم الكعبة، وبناها على قواعد إبراهيم؛ لأن السبب الذي منع الرسول عليه الصلاة والسلام من بنائه على قواعد إبراهيم قد زال، وتوطَّد الإيمان في القلوب، فهدمها رضي الله عنه، وجعل يأتي بالناس ويُشْهِدُهم على الأساسات الأولى التي هي على قواعد إبراهيم، وبناها على قواعد إبراهيم، وجعل لها بابين؛ بابًا يدخل منه الناس، وبابًا يخرجون منه.

ثم إنها هُدِمَت في عهد عبد الملك بن مروان، وأعيدت على ما كانت عليه في الجاهلية، بعد أن استُشْهِدَ عبدُ الله بن الزبير رضي الله عنه، ولما تولى الرشيد أظن أراد أن يعيدها على قواعد إبراهيم، فاستشار بذلك العلماء، فقالوا: لا تجعل بيت الله مَلْعَبَةً للملوك، كلما مَلَك مالك قال: أُغَيِّر إلى كذا، فتركه وبقي على ما هو عليه إلى الآن، والحمد لله.

إذا طاف على جدار الْحِجْر لم يصح، وإن طاف من دون جِدَار الْحِجْر من الداخل من باب أولى.

وظاهر كلام المؤلف أنه لو طاف على جِدَارِ الْحِجْر الذي ليس من الكعبة فإنه لا يصح، هذا ظاهره؛ لأن الْحِجْر ليس كله من الكعبة، ليس من الكعبة إلا مقدار ستة أذرع وشيء، وقرَّبَه بعضهم فقال: إذا ابتدأ الانحناء في الْحِجْر، فمن بداية الانحناء يكون خارج الكعبة، ومن المستوي يكون داخل الكعبة.

وعليه فنقول: إنه لا يصح الطواف على جدار الْحِجْر حتى في الجانب الخارج من الكعبة؛ لأنه يثبت تبعًا ما لا يثبت استقلالًا، فيكون هذا الزائد تابعًا للأصل.

يقول: (أو طاف عريانٌ) يعني طاف وهو عريان فإنه لا يصح طوافه؛ لأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن ينادَى في الناس «أَلَّا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ -يعني العام التاسع- وَلَا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ» (١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>