للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان الناس في الجاهلية إن حصلوا على ثياب من قريش أخذوها عارية أو شراء أو هدية فطافوا بها، وإلا فلا، على أن بعض العرب أيضًا، وإن كانوا من قريش، يقول: لا نطوف بثيابنا؛ لأنها ثياب عصينا الله فيها، فلا نطوف، نقول: إذا طفتم عراةً فهي ثياب عصيتم الله بها، أي: بخلعها.

وكانت المرأة تأتي تطوف عارية، وتضع يدها على فرجها، وترتجز في الطواف تقول:

الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

تُشِيرُ إِلَى الْفَرْجِ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَمَا بَدَا مِنْهُ فَلَا أُحِلُّهُ

صقيعة، يعني: ما بَدَا منه فلا أُحِلُّ لأحد أن ينظر إليه، لا أُحِلُّه، الناس بيطيعونها، الله أعلم، على كل حال هذا من الجهل.

أما الإسلام -ولله الحمد- لا يطوف بالبيت عريان، ومن المعلوم أنه لا أحد يطوف خالعًا ثيابه.

لكن قد يطوف وهو لم يُسْتَر الستر الواجب، ولنفرض أن عليه ثيابًا رقيقة، وعليه سراويل لا تصل إلى الركبة، فيطوف، نقول: هذا الرجل لا يصح طوافه، لماذا؟ لأنه لم يستر عورته؛ إذ لا بد في الستر من السرة إلى الركبة.

يقول: (أو نجس) كيف نجس؟ يعني أصابته نجاسة في ثوبه أو بدنه، فإن الطواف لا يصح؛ لأن الطواف بالبيت صلاة، وكما لا تصح الصلاة مع النجاسة فكذلك الطواف.

ولأن الله تعالى أمر بتطهير بيته للطائفين، والقائمين، أو العاكفين، والركع السجود، فإذا أمر بتطهير المكان، أي مكان الطائف الذي هو منفصل عنه، فتطهير ملابسه المتصلة به من باب أولى، وعلى هذا فلا يحل أن يطوف بثوب نجس، أو يطوف وهو متنجِّس البدن، بل لا بد أن يغسل النجاسة من ثوبه وبدنه.

قال في الشرح: أو محدِث، يعني: وكذلك لا يجوز أن يطوف وهو مُحْدِث حدَثًا أصغر أو أكبر، وما هو الدليل؟ الدليل حديث ابن عباس المشهور: «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ، إِلَّا أَنَّ اللهَ أَبَاحَ فِيهِ الْكَلَامَ» (١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>