للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا هو القول الذي نذهب إليه؛ أن الطهارة من الحدث الأصغر ليست بواجبة، لكنها سُنَّة وأفصل بلا شك، ولا ينبغي للإنسان أن يفرط بها مع هذا الخلاف من أهل العلم، لكن أحيانًا يكون لا بد من القول بهذا؛ أي: بأن الطهارة ليست بشرط.

قال المؤلف: (ثُمَّ يصلي ركعتين خلْف المقام).

(ثم) أي بعد الفراغ من الطواف يُصلي ركعتين خلف المقام؛ لفعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

وينبغي إذا تقدَّم أن يقرأ قول الله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: ١٢٥] كما قرأها النبي صلى الله عليه وآله وسلم (٥)، ومن أجل أن يشعر بفائدة عظيمة بيناها لكم فيما سبق، وهي أن فعله للعبادة امتثالٌ لأمر الله عز وجل حتى تتحقق بذلك الإنابة إلى الله سبحانه وتعالى والذل لأوامره.

وقوله: (خلف المقام) أي: مقام إبراهيم، وهو معروف، وسمي مقامًا؛ لأنه قام عليه عليه الصلاة والسلام حين ارتفع بناء الكعبة فبنى عليه.

وقد قيل: إن موضع قدميه كان بيِّنًا في هذا الحَجَر، لكن لطول السنين ولكثرة من يتمسح به الناس زال موضع القدمين.

واختلف المؤرخون: أين مكان هذا المقام في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟ هل هو لاصقٌ بالكعبة، أو هو في مكانه الآن؟

فمنهم من قال: إنه لاصقٌ بالكعبة، وأن الذي قدمه إلى هذا المكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أجل التوسعة على الطائفين، ومنهم من قال: بل هذا مكانه.

وليس هناك عندي شيء يفصل بين القولين، فإن قوله -أي: قول جابر في حديثه الطويل المعروف: ثُمَّ تَقَدَّمَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ، فَقَرَأَ: {وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} (٦) - يحتمل أنه تقدم من منتهى الطواف -وهو الحجر- إلى مكان المقام -وهو خلف باب الكعبة- ويحتمل أنه تقدم إليه في مكانه الحاضر.

<<  <  ج: ص:  >  >>