ولهذا اختلف العلماء في امرأة حاضت، ولم تطُف طواف الإفاضة، وكانت في قافلة، والقافلة لم ينتظروها، أما لو انتظروها فالأمر واضح؛ لكن إذا لم ينتظروها يجب عليهم ينتظرون ولَّا لا؟
الرسول عليه الصلاة والسلام قال:«أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟ »(١). هم يقولون: إذا انتظرنا زوجة فلان نخشى إذا انتهت من حيضها حاضت زوجة فلان، وإذا انتهت الثانية حاضت الثالثة، والقافلة مائتا امرأة، كل واحدة تقعد سبعة أيام اضرب سبع في مائتين كم تصير؟
طالب: ألف وأربع مئة.
الشيخ: كم سنة يقعدون؟ ! فالمهم أن اللزوم لا شك أنه ما يلزم إلا إن ألزمناها ألزمنا وليها فقط؛ أن يبقى أو يذهب بها، ثم يرجع، فهذه القوافل إذا كانت قافلة لا يمكن أن ترجع مثل قافلة في أقصى الهند، في أمريكا، قافلة في بلاد لا يمكنهم أن يرجعوا، فحينئذٍ نقول: إما أن تطوف وينتهي حجها، وإما أن تكون مُحصرة فتتحلل بدم ويتم حجها ولا ما يتم؟
ما يتم؛ لأنها ما طافت، فمعناه إذا كانت الحجة فريضة ما أدت الفريضة الآن، وإما أن نقول: تذهب إلى بلدها، لكنها تبقى لم تحل التحلل الثاني، فلا يحل لزوجها أن يقربها، وإن مات عنها أو طلقها لا يحل لها أن تتزوج؛ لأنها ما زالت في إحرام، وهذا فيه صعوبة ولَّا لا؟
فيه صعوبة، فصار فيه صعوبة من كل الوجوه الثلاثة:
إن قلنا: إنها محصرة تتحلل؛ فيه صعوبة؛ لأنها ما أدت الفريضة.
إن قلنا: إنها تبقى، فهذا غير ممكن.
إن قلنا: تذهب وتبقى على إحرامها؛ فهذا أيضًا معلوم أعظم مشقة.
بقي علينا احتمال رابع أن نقول: تطوف للضرورة، وهذا ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو الصواب؛ أنها إذا اضطرت إلى السفر فإنها تطوف، لكن يجب عليها أن تتحفظ حتى لا ينزل الدم إلى المسجد فيلوثه، وتطوف، وتتوكل على الله.