للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال المؤلف: (لا بدونهما من غير نائم).

(بدونهما) الضمير يعود على أيش؟ الدفق واللذة.

(من غير نائم)، وهو اليقظان، فإذا خرج هذا الماء من اليقظان بدون لذة، ولا دفق، فإنه لا غسل فيه، لا يجب فيه الغسل، وقد سبق الجواب عن ظاهر الحديث.

وعُلِم من قوله: (من غير نائم) أنه لو خرج من نائم وجب الغسل مطلقًا، سواء كان على هذا الوصف أم لم يكن، لماذا؟ لأن النائم قد لا يحس به، وهذا يقع كثيرًا أن الإنسان إذا استيقظ وجد الأثر، وإن لم يشعر باحتلام؛ ولهذا قال العلماء: يجب بكل حال؛ فما هو مستندهم في ذلك؟

مستندهم حديث أم سليم رضي الله عنها حين سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل، هل عليها الغسل؟ قال: «نَعَمْ، إِذَا هِيَ رَأَتِ الْمَاءَ» (٥). فأوجب الغسل عليها، لكن بشرط إذا هي رأت الماء، ولم يشترط النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من ذلك، فدل هذا على وجوب الغسل على من استيقظ، ووجد الماء سواء أحس بخروجه أم لم يحس، وسواء احتلم؛ يعني: رأى أنه احتلم أم لم يرَ؛ لأنه قد ينسى.

واعلم أن النائم إذا استيقظ فوجد بللًا فلا يخلو من ثلاث حالات:

الحال الأولى: أن يتيقن أنه مُوجِب للغسل؛ يعني أنه مَنِيّ، وفي هذه الحال يجب أن يغتسل سواء ذكر احتلامًا أم لم يَذْكر.

الحال الثانية: أن يتيقن أنه ليس بِمَنِيّ؛ ففي هذه الحال لا يجب الغسل، ولكن يجب عليه أن يغسل ما أصابه؛ لأن حكمه حكم البول.

الحال الثالثة: أن يجهل هل هو مَنِيّ أو غير مَنِيّ؟ فإن وُجِد ما يحال الحكم عليه بكونه منيًّا أو مَذِيًّا أُحيل الحكم عليه، وإن لم يوجد فالأصل الطهارة، وعدم وجوب الغسل؛ يعني فالأصل براءة الذمة من الغسل.

إذا وجده بعد الاستيقاظ وأشكل عليه هل هو مَنِيّ أو غيره، فإن وُجِد ما يحال الحكم عليه بكونه منيًّا أو غير مني أُحِيل الحكم عليه، وإن لم يُوجد فهو غير مَنِيّ؛ لأن الأصل عدم وجوب الغسل، كيف الإحالة؟

<<  <  ج: ص:  >  >>