للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زعم بعض العلماء: أن المجوس لهم شُبْهَة كتاب، ولكن نقول: أين الشُّبْهَة؟ وأين الكتاب الذي يُشتبه فيه؟ إنما أخذها الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأن الله تعالى قال: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال: ٣٩]، فإذا كان الدين لله، وغَلَب الدين الإسلامي على غيره، وأعطى هؤلاء الجزية عن يد وهم صاغرون، فهذا هو الذي نريد، نحن لا نريد أن نُلزِم الناس بالإسلام، نريد أن يلتزم الناس بالإسلام، أي بأحكام الإسلام، حتى يكون الإسلام هو العالي، وكلمة الله هي العليا، هذا هو الصحيح، وأن قتال الكفار لا لإلزامهم بالإسلام، ولكن لإلزامهم بالخضوع لأحكام الإسلام، وذلك بأخذ الجزية منهم عن يدٍ وهم صاغرون.

(لاَ يُعْقَدُ لغَيْرِ المجُوسِ وَأَهْلِ الكِتَابَيْنِ وَمَنْ تَبِعَهُم وَلاَ يَعْقِدُهَا إِلَّا إِمَامٌ أوْ نَائِبُهُ)، (وَمَنْ تَبِعَهُم) مَنْ تَبِع أهل الكتاب؛ يعني: وإن لم يكونوا من بني إسرائيل، أو ممن أُنْزِل عليهم الكتاب أولًا.

يقول: (وَلاَ يَعْقِدُهَا إِلَّا إِمَامٌ أوْ نَائِبُهُ) كالهدنة؟ ولَّا كالأمان؟

طلبة: الهدنة.

الشيخ: كالهدنة؟

الطلبة: نعم.

الشيخ: لماذا؟

لأن الأمان يصح من كل أحد، حتى من المرأة كما سبق.

وقوله: (إِلَّا مِنْ إِمَامٌ أوْ نَائِبُهُ) علَّلَها عندي في الشرح؛ لأنه عقد مؤبَّد فلا يُفْتَأَتُ على الإمام فيه، عقد مؤبَّد، بخلاف الهدنة فإنها مؤجلة، وتصح مطلقة، ولا تصح مؤبَّدة؛ لأن عقد الهدنة على التأبيد يتضمن إلغاء الجهاد، وهذا لا يجوز؛ لأن الجهاد فرض كفاية ولا بد منه، و «الْجِهُادُ مَاضٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» (١١)، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام.

لكن عقد الذمة فيه خضوع من الكفار، وعدم اعتداء على المسلمين، والتزام لأحكام الإسلام فتصح مؤبَّدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>