للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن الآية تصلح للأمرين جميعًا أنَّ: {عَنْ يَدٍ} أن الواحد منهم يأتي بها يسلمها بيده، وأيضًا نريه نحن القوة والبأس حتى يكون ذلك أذَلَّ له.

أما ما قاله بعض الفقهاء: من أنه يُطال وقوفهم عند تسليمها، بحيث نتصدّى عنهم، إذا جاء: يا عمي خذ الجزية، أقول له: انتظر، أو أتلهَّى بشيء: مراجعة صحيفة أو تخطيط مربعات أو غيره لأجل إيش؟ إذلالًا له، ثم إذا أخذتها منه يقول: لازم يأخذها يجر يدُه بقوة حتى ربما تنخلع يده؛ لأن هذا من باب الإذلال، لكن الصحيح خلاف ذلك، الصحيح أن يكفي أن يأتوا أذلاء يسلمون الجزية عن يد.

إذن لا تُعْقَد إلَّا للمجوس واليهود والنصارى، ومن سواهم لا يُقْبَل منهم إلَّا الإسلام أو القتال، ما فيه جزية، وهذا هو المشهور من المذهب كما رأيتم، واستدلوا بعموم قول النبي عليه الصلاة والسلام: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ» (١٠) إلى آخر الحديث، قال: «أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ» عامة، خُصَّ منها المجوس، لماذا؟

طلبة: هم أهل كتاب.

الشيخ: لا مو أهل كتاب.

طلبة: سُنَّة.

الشيخ: لأنه ثبت بالسُّنَّة أن الرسول أخذ منهم.

واليهود والنصارى؟

طلبة: بالقرآن.

الشيخ: بالقرآن، فيبقى سائر الكفار على أنه لا يُقْبَل منهم إلَّا الإسلام أو القتال، ولكن الصحيح أنها تصح من كل كافر، والدليل على هذا حديث بُرَيْدَة الذي رواه مسلم في صحيحه أنه كان إذا أمَّر أميرًا على جيش أو سرية أوصاه بتقوى الله وبمن معه من المسلمين خيرًا، ثم قال له: انفذ، وأوصاه بوصايا؛ منها: أنه إذا لم يُسلِم القوم فليدعُهُم إلى الجزية، إلى أخذ الجزية، فإن أجابوك كفَّ عنهم (٨)، وهذا دليل على العموم، ويدُلُّ لذلك أيضًا: كَوْن النبي صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هَجَر (٩) مع أنهم ليسوا من أهل الكتاب، يدل على أنها تؤخذ من كل كافر.

<<  <  ج: ص:  >  >>