للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} {مِن} هنا يتعين أن تكون لبيان الجنس، وليست للتبعيض؛ وذلك لأن جميع أهل الكتاب لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ولا يحرمون ما حَرَّم الله ورسوله، ولا يدينون دين الحق، ولو جعلنا {مِن} للتبعيض لكان بعض أهل الكتاب على دين، ومؤمنًا، ولكنَّ الأمر ليس كذلك، فـ {مِنَ} هنا يتعين أن تكون إيش؟ لبيان الجنس كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ} [البينة: ٦]، فإن {مِن} هنا لبيان الجنس؛ يعني أن الله صَنَّف الكفرة إلى قسمين: أهل كتاب ومشركين.

قال: (لاَ يُعْقَدُ لغَيْرِ المجُوسِ وَأَهْلِ الكِتَابَيْنِ وَمَنْ تَبِعَهُم) (لاَ يُعْقَدُ) بالبناء للمجهول، وسيأتي أن الذي يتولى عقدَها الإمام أو نائبه.

(لاَ يُعْقَدُ لغَيْرِ المجُوسِ) المجوس: تُعْقَد لهم الذمة، وهم الذين يعبدون النار، ويقولون بالأصلين: الظلمة والنور، وهم فِرقة؛ يعني: فِرَق، لكنّ هذه من فِرَقهم من يقول بالأصلين: الظلمة والنور، ويقولون: إن الحوادث إما خير وإما شر، فالخير خلقه النور، والشر خلقته إيش؟

طلبة: الظلمة.

الشيخ: الظلمة، ومع ذلك لا يَرَوْن أن هذين الإلهين متساوِيَيْن، بل يقولون: إن النور خير من الظلمة، ويقولون: إن النور قديم، ويختلفون في الظلمة: هل هي حادثة أو لا، ولهذا قال شيخ الإسلام: لم يُعْلم أن أحدًا من أرباب المقالات قال إن للخَلْق إلهين متساويين أبدًا، حتى القائلين بالتثنية لا يَرَوْن أن هذا مساوٍ لهذا.

ودليل أصلها من المجوس ما رواه البخاري من أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخذ الجزية من مجوس هَجَر (١٤)، هَجَر اسم للأحساء وما حولها، أخذ منهم النبي صلى الله عليه وسلم الجزية، ومعلوم أن السُّنَّة أصل في الدليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>