للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المذهب: لا يجوز؛ لأن النهي عن بَداءتهم بالسلام؛ لئلَّا نكرمَهم، بدليل قوله: «وَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فِي طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِهِ» (٤)، فإذا قلنا: كيف أصبحت، كيف أمسيت، كيف أنت، كيف حالك، فهذا نوع من الإكرام.

وقال شيخ الإسلام: يجوز أن نقول له: كيف حالك، كيف أصبحت، كيف أنت؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام إنما نهى عن بَدْأَتِهِم بالسلام، والسلام يتضمن الإكرام والدعاء؛ لأنك إذا قلت: السلام عليك، فأنت تدعو له، أما هذا فهو مجرد ترحيب وتحية.

وينبغي أن يقال: إذا كانوا يفعلون بنا مثل ذلك فلنفعله بهم، وإذا كان هذا لمصلحة كالتأليف فلنفعله بهم، وإذا كان ذلك خوفًا من شرهم فلنفعله بهم؛ لأنه إذا قُدِّر مثلًا أنك في وقتنا الحاضر أنك في شَركة، مدير هذه الشَّركة كافر، فإنك لو دخلت عليه لتراجعه في شأن هذه الشَّرِكة ولم تُسْلِّم؛ لكان في قلبه عليك شيء، ربما يضرك، فإذا قلت: كيف أصبحت، كيف حالك، نعم، فهذا يزيل ما في قلبه من الضغينة، وتَسلم من شره، ولا يدخل هذا في نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن بَداءتهم بالسلام.

وإذا سلموا هم فكما سمعتم أنه يجب علينا أن نرد عليهم بدلالة القرآن والسُّنَّة، ولكن هل نرد عليهم بقول: وعليكم؟ أو نرد عليهم بمثل ما سَلَّموا؟ نقول: لا يخلو السلام الذي أَلْقَوْه إلينا إمَّا أن يكون صريحًا بقولهم: السلام عليكم، أو صريحًا بقولهم: السام عليكم، أو غير صريح، لم يبيِّنوا اللام، ولم يحذفوها حذفًا واضحًا، فإن صَرَّحوا بقولهم: السلام عليكم، كما يوجد الآن في الكفار الذين عندنا الآن يقولون: السلام عليكم، بصراحة؛ لأن ألسنتهم ألسنة أعجمية فهم يتعلمون السلام تَلْقِينًا، فتجده يقول: السلام عليكم، صراحة، فهنا لنا أن نرد عليهم ونقول: عليكم السلام، ولنا أن نقول: وعليكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>