للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما القيام على الشخص فإنه لا يجوز، إلَّا إذا كان في ذلك إغاظةٌ للمشركين؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى أن نقوم على غيرنا كما تقوم الأعاجم على ملوكها، بل في الصلاة لما صلى جالسًا وصلَّوْا خلفه قيامًا أمرهم أن يجلسوا؛ لئلَّا تظهر صورة المشابهة حتى في الصلاة، فإن كان في ذلك إغاظة للمشركين فإنه لا بأس به، بل قد يكون محمودًا ومأمورًا به كما فعل المغيرة بن شعبة حين قام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو يراسل، وقريشٌ تراسله في صلح الحديبية، فهذا لا شك أنه محمود؛ ليتبين لهؤلاء الكفار أن المسلمين يُعَظِّمون زعماءَهم وعظماءَهم.

إذن القيام لأهل الذمة ما حكمه؟

طلبة: لا يجوز.

الشيخ: حرام، ولا يجوز، حتى لو كان كبيرًا، ولو كان وزيرًا، ولو كان رئيسًا، أي إنسان لا يمكن أن يُقامَ له، لكن إذا لم يكن من أهل الذمة وقَدِم إلى بلد الإسلام فهل يُقام له؛ لأنه من ذوي الشرف والجاه في قومه؛ ولأن ذلك مما جرت به العادة بين الناس ورؤساء الدول؟ أو لا يقام له؟

هذا محل نظر، وهذا فَرْق بين هذه المسألة وبين مسألة أهل الذمة؛ لأن أهل الذمة تحت ولايتنا، ونحن لنا الولاية عليهم، فلا يمكن أن نكرمهم بالقيام لهم.

قال: (وَلاَ بَدَاءَتُهُمْ بالسَّلَامِ) يعني: لا يجوز أن نبدأهم بالسلام، إذا لقيناهم لا نقول: السلام عليكم، فإن سَلَّموا وجب الرد؛ لقوله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: ٨٦]، ولقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَقُولُوا: وَعَلَيْكُمْ» (١٠)، فأَمَرَنا أن نَرُدّ عليهم، أما البَداءة فلا.

وهل يجوز أن نبدأهم بـ (كيف أصبحت - كيف أمسيت)، وما أشبه ذلك؟

<<  <  ج: ص:  >  >>