للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول المؤلف: (وَلَوْ ظُلْمًا) أي: ولو هُدِمَت ظلمًا، كما لو سَطا عليها أحد من المسلمين وهدمها فإنها لا تقام مرة أخرى، وهذه إشارة خلاف، أعني قوله: (وَلَوْ ظُلْمًا)، فإن بعض أهل العلم قال: إذا هُدِمَت ظلمًا فلهم إعادة بنائها، ولو قيل: إنه يعيدها مَنْ هَدَمَها ويُضَمَّن لكان له وجه؛ لأن هذا عدوان وظلم، وأهل الذمة يجب علينا مَنْع الظلم والعدوان عنهم.

فالصواب أنه إذا هُدِمَت ظلمًا فإنها تعاد؛ وذلك لأنها لم تنهدم بنفسها، فإن هدموها هم وأرادوا تجديدها؟

طالب: يُمْنَعون.

الشيخ: فإنهم يُمْنَعون.

ويُمْنَعون أيضًا: (مِن تَعْلِيَةِ بُنْيَانٍ عَلَى مُسْلِمٍ) إذا كانوا في حي من الأحياء، وأرادوا أن يبنوا عمارات رفيعة تعلو بناء المسلمين فإننا نمنعهم، وظاهر كلام المؤلف أنه لا فرق بين أن يكونوا مجاورين ملاصقين أو غيرَ ملاصقين، وهو كذلك، حتى لو كان بينهم وبين المسلم شارع، فإنه لا يجوز أن يُمَكَّنوا من تعلية البنيان على المسلم، لماذا؟ لما في ذلك من إذلال المسلم، واحتمال الأذى لهذا المسلم؛ لأن العالي يستطيع أن يتفرج على النازل، ولا عكس، ونحن لا نأمن هؤلاء الكفار، فلذلك يُمْنَعون من تعلية البنيان على المسلم.

لو رضي المسلم، قال: ما عندي مانع، فهل يُمْنَعون أو لا؟

نعم يُمْنَعون؛ لأن الحق هنا فيه شائبة حق لله، ولأن هذا المسلم موجود الآن، لكن هل سيبقى إلى الأبد؟ سيموت، أو يرتحل، فيبقى البناء عاليًا على مَنْ؟

طالب: مَنْ بعده.

الشيخ: على مَنْ بعده، ولهذا لا يجوز أن يُعْلُوا البنيان على المسلم ولو بإذن المسلم ورضا المسلم.

فإن مَلَكُوه عاليًا مِنْ مسلم؛ يعني هم جاؤوا إلى عمارة فخمة طويلة واشترَوْها من المسلم، فهل يجب أن نهدِمَها؟ نعم.

طلبة: يُمْنَع البيع.

الشيخ: لم نمنع البيع، الآن ما منعنا، تم البيع، ولم نعلم إلَّا بعد إمضائه، نقول الآن: لكم الخيار، إما أن نهدِمَها، وإما أن تردُّوا البيع.

<<  <  ج: ص:  >  >>