للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا قالوا: إذن نردُّ البيع أهون علينا من الهدم، ولكن المسلم أَبَى، قال: أنا لا أريد فسخ البيع، قلنا: نُلْزِمك؛ لأنك بعت عليهم بنيانًا لا يجوز إقرارهم عليه، فأنت الذي اعتديت، فنُلْزِمك بأن نفسخ البيع.

قال: (لَا مِن مُسَاوَاتِهِ لَهُ) يعني: لا يُمْنَعُون من مُسَاوَاتِهِ، أي: مساواة بنيانهم لبناء المسلمين؛ لأنهم لم يعلوا على المسلمين.

فإن قال قائل: وهل يُمْنَعُون من تشييد بنيانهم، وتحسينه، ووضع الديكور فيه وما أشبه ذلك؟

نقول: أما مِنْ الداخل فإنهم لا يُمْنَعُون، أما مِنْ الخارج فهذا يرجِع إلى اجتهاد الإمام، إن رأى أنهم إذا أظهروا منازلهم بهذا المظهر وبيوت المسلمين حولهم بيوت شعبية، وأن في ذلك افتخارًا لهؤلاء الكفار فله أن يمنعهم؛ لأن هذا وإن لم يكن علوًّا حسيًّا فهو علو معنوي، فيُمْنَعُون، وإن رأى أن الناس لا يهتمون بذلك ولا يقيمون له وزنًا فليُبقِهم على ما هم عليه.

ثم قال: (وَيُمْنَعُونَ مِنْ إِظْهَارِ خَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ) (يُمْنَعُونَ) الضمير يعود على أهل الذمة.

نرجع إلى ما سبق، قول المؤلف رحمه الله: (وَمِن تَعْلِيَةِ بُنْيَانٍ عَلَى مُسْلِمٍ) يُفهم من كلامه أنهم لو مَلَكُوه من مسلم عاليًّا فإنهم لا يُمْنَعُون، لكن الصحيح ما قرَّرْناه أولًا أنهم يُمْنَعُون، فيُهْدَم أو يُفسَخ البيع.

قال: (وَمِنْ إِظْهَارِ خَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ) يعني: يُمْنَعُون من إظهار الخمر، ومن إظهار أكل لحم الخنزير؛ لأن ذلك عند المسلمين حرام، فيُمْنَعُون منه، أما لو شرِبوه في بيوتهم، أو صنعوه في بيوتهم ولم يبيعوه علينا فإننا لا نمنعهم.

وكذلك يُقال في لحم الخنزير؛ لأنهم يعتقدون أن الخمر حلال، وأن لحم الخنزير حلال، فلا نتعرض لهم في ديانتهم، لكن إظهار ما هو ممنوع عند المسلمين ممنوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>