للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما مَنْ استقام، فإننا نستقيم له، ويبقى على عهده، لقوله تعالى: {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ} [التوبة: ٧].

وأما مَنْ خِيف منه الغدر، فإننا ننبُذ إليه العهد، ونُخبِره بأنه لا عهد بيننا وبينه؛ لنكون نحن وإياه على سواء، كما قال تعالى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الأنفال: ٥٨]، أي: انبذ إليهم عهدهم لتكون أنت وإياهم سواءً.

الذمي داخل في هذا، إذا خرج عما يلزمه من أحكام الإسلام فإنه ينتقض عهده؛ لأن العهد الذي بيننا وبينه أن يلتزم أحكام الإسلام، ومنها أن يبذل الجزية.

يقول: (فَإِنْ أبَى بَذْلَ الْجِزْيَةِ) قال: إنه لا يُسَلِّم الجزية فإن عهده ينتقض، ويحل دمه وماله.

كذلك إذا أبى التزام حكم الإسلام، بأن صار يجهر بالخمر ويُعْلِنه، ولا يلتزم بإقامة الحدود عليه فيما يعتقد تحريمه، ولا يتورع عن نكاح ذوات المحارم، في غير المجوسي، المجوسي يرى أن نكاح ذوات المحارم جائز، لكن اليهود والنصراني لا يرى ذلك، فإذا أَبَى التزام أحكام الإسلام انتقض عهده.

قوله: (أَوْ تَعَدَّى عَلَى مُسلِمٍ بِقَتْلٍ أَوْ زِنًا أَوْ قَطْعِ طَرِيقٍ)، تعدَّى على مسلم بقتل بأن قتل مسلمًا، فإن عهده ينتقض حتى لو عفا أولياء المقتول فإن عهده ينتقض؛ لأن أولياء المقتول إن طالبوا بالقصاص اقتُص منه، وإلَّا لم يُقتَصَّ منه، لكن بالنسبة للعهد ينتقض؛ لأنه إذا قتل هذا يمكن أن يقتل آخر.

كذلك إذا اعتدى على مسلم بزنا، زنا بمسلمة ولو برضاها فإنه ينتقض عهده؛ لأن الواجب عليه أن يلتزم أحكام الإسلام، ومثل ذلك لو اعتدى على غلام بلواط فإنه ينتقض عهده.

وقول المؤلف رحمه الله: (تَعَدَّى عَلَى مُسلِمٍ بِقَتْلٍ أو زِنا) عُلِم منه: أنه لو تعدَّى على كافر مثله بقتل أو زنا فإن عهده لا ينتقض، ولكن ماذا نصنع به؟

طلبة: ( ... ).

<<  <  ج: ص:  >  >>