والمسألة الأخيرة هذه فيها خلاف؛ بعضهم يقول: لا بأس أن الإنسان يفسو في المسجد؛ لقول الرسول عليه الصلاة والسلام:«مَا لَمْ يُحْدِثْ»(١٠)، لكن الملائكة تصلِّي عليه وتستغفر له ما لم يُحدِث، قالوا: فلمَّا قال: «مَا لَمْ يُحْدِثْ» دلَّ هذا على جواز الحدث في المسجد.
ولكن هذا الاستدلال فيه نظر، بل لو قيل: إن هذا الحديث يدلُّ على منْع الإحداث لكان أَوْلى؛ لأن كون الملائكة تتوقَّف عن الدعاء له إذا أحدثَ إكرامٌ له ولَّا عقوبة؟
طلبة: عقوبة.
الشيخ: عقوبة، هل العقوبة تكون على شيءٍ مباح؟
طلبة: لا.
الشيخ: ما تكون، لكن الإنسان قد يُحدِث غصْبًا عليه.
ثم إذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام منع مَن أَكَل البصلَ أنْ يدخل المسجدَ (١١) لرائحته، أيُّهم أَوْلى؟
طالب: الإحداث.
الشيخ: هذا أَوْلى؛ لأنه له رائحة كريهة.
***
( ... ) قال: (وأنْ يكون مِن مالكٍ).
(وأنْ يكون) الضمير يعود على العقد؛ يعني: وأن يكون العقد صادرًا من مالكٍ، مالكٍ لماذا؟ للمعقود عليه.
(أو مَن يقوم مقامه) يعني: أو صادرًا ممن يقوم مقام المالك، المالك واضح؛ الذي له الشيء.
والذي يقوم مقام المالك هم: الناظر، والوكيل، والولي، والوصِيُّ؛ أربعة، هؤلاء يقومون مقام المالك.
الولي: وهو مَن له الولاية شرعًا؛ كوليِّ اليتيم، وكالقاضي الوليِّ على الأموال المجهولة وأموال السفهاء وما أشبهَ ذلك.
والوكيل مَن؟ هو الذي فوَّضَ إليه العقدَ مالكُهُ، هذا وكيلٌ؛ مثل: قلتُ لك: خُذْ هذا بِعْه. أو: خُذْ هذه الدراهمَ اشترِ لي كذا وكذا. فهُنا البائع في الصورة الأولى والمشتري في الصورة الثانية قائمٌ مقامَ المالك في صفة الوكالة.