للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: يجوز تبعًا؛ ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: «لَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ، فَمَنِ ابْتَاعَهَا بَعْدُ فَهُوَ بِخِيَارٍ» (٨)، فدل هذا على أن ذات اللبن تباع ولا حرج فيها.

إذا كان لبن هذه البهيمة معتادًا، وأنه بقدر نصف الصاع؛ يعني: بقدر مُدَّيْن، معروف، وبعته عليه، فهل يجوز ولَّا لا؟ إحنا نعرف كل حلبة من هذه الشاة أو من هذه البقرة تبلغ مُدَّيْن، فقال: أبيع عليك الحلبة التي في ضرعها الآن؟

طلبة: يجوز.

الشيخ: نعم، مثل هذا وإن كان الغالب والمعتاد أنه مُدَّان، لكن قد ينقص، وقد يزيد، ثم إنه لا حاجة تدعو إلى هذا، ما فيه حاجة حتى نقول: إن هذا غررٌ يسير يُعْتَبر للحاجة؛ لأنه لا يمكن أن تنتفع باللبن إلا؟

طالب: إلا بعد الحلب.

الشيخ: إلا بعد الحلب، فبدلًا من أن تشتري في الضرع انتظر حتى يحلب واشتريه بعد الحلب مباشرة.

كذلك أيضًا: (لا يُبَاع مسك في فأرته) قد تستغرب، تقول: مسك في الفأرة، إي نعم.

لكن المؤلف قال: (في فأرته) فأرة المسك وهو وعاؤه، لماذا؟ لأنه لا يعلم ما في هذا الوعاء؛ قد يكون كثيرًا، وقد يكون قليلًا، وقد يكون جيدًا، وقد يكون غير جيد، فهو مجهول، فلا يُبَاع في فأرته، إلا إذا فتحت الفأرة حتى عرف فلا بأس.

وكيف الفأرة والمسك؟ فيه نوع من الغزلان يسمى غزال المسك، يستخرجون منه مسكًا، يقولون: إن من جملة ما يحاولون به استخراج المسك منه أنهم يتعبونه بالركض، يركض، يركض لحين يتعب معه، فإذا تعب فإنه ينزل من سرته دم، ينزل، لكن ما هو بينجرح، إذا نزل هذا الدم أتوا عليه وربطوه، ربطوا هذا الدم ربطًا قويًّا محكمًا، فإذا ربطوه فإنه من المعلوم أنه يمتنع فيه التغذية، ما يصل إليه الدم، بعد مدة ينفصل من ( ... )، إذا انفصل أخذوه وإذا هو مسك من أحسن المسك.

ولهذا يقول المتنبي:

فَإِنْ تَفُقِ الْأَنَامَ وَأَنْتَ مِنْهُمْ

فَإِنَّ الْمِسْكَ بَعْضُ دَمِ الْغَزَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>