والصحيح في هذه المسألة أنه إذا أبرأه من العيوب المجهولة، فإما أن يكون عالِمًا بها، لكن كتمها، فهذا لا يبرأ؛ لأنه قد خدعه وغشَّه، وإما أن يكون جاهلًا بالعيوب، فهذا يبرأ؛ لأن هذا هو الذي يقدر عليه، وهو يريد أن يسلم من مطالبة المشتري، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وهذا هو المعروف عن الصحابة رضي الله عنهم أن البراءة من العيوب المجهولة إن كان البائع عالِمًا بها فإنه لا يبرأ، لماذا؟
طالب: لأنه غشه.
الشيخ: لأنه غاش، ولا نمكن أهل الغش والخداع من أعمالهم، وإن كان جاهلًا فإنه يبرأ، لكن كيف يكون جاهلًا بعيوب سلعته؟ كيف ذلك؟
طالب: قد يكون خلل بالسيارة من داخلها، لا يعلمه.
الشيخ: ربما يكون البائع قد اشتراها من جديد، ولا يدري عن العيوب التي فيها، وربما تكون السيارة يُنادى عليها في السوق، ولا يعلم عنها المنادي.
المهم أنه ممكن، هذا كثير، ومنه ما يكون فيما سبق لما كان الناس فقراء إذا مات الميت يُؤتى بتركته، وينادى عليها في الأسواق فيها بعض الأجهزة ما يُدرى عنها، فيشترط البائع البراءة من عيوبها، هذا جائز؛ لأن هذا هو منتهى قدرته وهو يريد أن يَسلم من المطالبة، والمشتري قد أسقط حقه؛ إذ لو شاء المشتري لقال؟
طالب: لا ( ... ).
الشيخ: لا أُقِرّ بذلك، ولا أرضى، بل إذا وجدت عيبًا فسأردها عليك، فإذا رضي بذلك والبائع ليس عنده غش ولا خداع، فالصواب أن هذا جائز ولا بأس به.
وعلى هذا فما يفعله بعض الناس اليوم في بيع السيارات ينبني على هذا، تجد البائع يعرف أن فيها عيبًا معينًا، لكن يجي يقول: شوفوا يا جماعة، تراها خشب على كفرات، علشان أيش؟ علشان يبرأ وهو يعلم أن فيها العيب المعين، هذا لا شك أنه غاش، ولا يبرأ من ذلك إذا علمنا أنه قد علم بالعيب، لكن ما هو الطريق إلى العلم بأنه علم بالعيب؟