للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(لكل من المتبايعين الخيار) (لكل من المتبايعين) وهما البائع والمشتري، وسُمِّيا متبايعين؛ لأن كل واحد منهما يمد باعه إلى الآخر بتسليم ما انتقل عنه، البائع يمد يده لتسليم الْمُثْمَن، والمشتري يمد يده لتسليم الثمن، وكذلك لاستلام ما آل إليه.

يقول: (الخيار ما لم يتفرقا عُرْفًا بأبدانهما) (ما لم) هذه (ما) يسمونها مصدرية ظرفية -يعني مدة عدم- تُقدَّر بمدة لتكون ظرفية، وتُؤوَّل إلى مصدر لتكون مصدرية؛ يعني مدة عدم تفرقهما، كلمة عدم غير موجودة بالكتاب، لكنها مفهومة منين؟ من النفي (لم) (ما لم يتفرقا)، أي مدة عدم تفرقهما، يعني ما لم يتفرقا عُرفًا بأبدانهما، فجعل المؤلف التفرق عائدًا إلى العرف؛ لأن عند أهل العلم قاعدة ينبغي للإنسان أن يعرفها، وهي أن ما ورد مطلقًا في النصوص، وليس له حد شرعي، فإنه يُرجع فيه إلى العرف، وقد أنشدتكم من قبل بيتًا في هذا وهو:

وُكُلُّ مَا أَتَى وَلَمْ يُحَدَّدِ

بِالشَّرْعِ كَالْحِرْزِ فَبِالْعُرْفِ احْدُدِ

كل شيء يأتي بالشرع مطلقًا ما حُدِّد فإنه يُرْجع فيه إلى العرف؛ فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول: «مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» (٩). ولا عيَّن نوع التفرق، فيُرجع في ذلك إلى العُرْف، ولهذا المؤلف يقول: (ما لم يتفرقا عُرْفًا) (عُرْفًا) يعني حسب العادة التي عند الناس (بأبدانهما) نص على قوله: (بأبدانهما)؛ لأن بعض أهل العلم يرى أن المراد التفرُّق بالأقوال، أعرفتم؟

وقد سبق لنا بيان ذلك، فالصحيح أن المراد التفرق بالأبدان (ما لم يتفرقا عرفًا بأبدانهما) فإن تفرقا بأبدانهما وجب البيع؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: «وَإِنْ تَفَرَّقَا بَعْدَ أَنْ تَبَايَعَا، وَلَمْ يَتْرُكْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الْبَيْعَ، فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ» (٩) «وَجَبَ» بمعنى؟ ثبت ولزم.

وقوله: (ما لم يتفرقا عرفًا) هل يجوز للإنسان أن يُفارِق صاحبه لإسقاط خياره؟

<<  <  ج: ص:  >  >>