للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهو كما تَرَوْن الآن هذا الاستدلال وهذا التعليل قويٌّ جدًّا، لكنه يعكِّر عليه في الواقع أن الرسول عليه الصلاة والسلام تيمَّمَ لردِّ السلام (٥)، وقال: «إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ إِلَّا عَلَى طُهْرٍ» (٦)، ومعلومٌ أن التيمُّم لردِّ السلام ليس بواجبٍ بالإجماع، وإذا كان ليس بواجبٍ وقد تيمَّمَ له الرسولُ عليه الصلاة والسلام فإنه يؤخذ منه مشروعيَّةُ التيمُّم لما تُستحَبُّ له الطهارةُ، وأظنُّ الاستدلالَ بهذا الحديثِ واضحًا جدًّا.

ثم نقول: هناك أيضًا تعليلٌ، وهو أن التيمُّمَ بَدَلٌ عن طهارةِ الماء، والبَدَلُ له حكْمُ المبْدَل، فمتى استُحِبَّت الطهارةُ بالماء استُحِبَّت الطهارةُ بالتيمُّم، فيقابَلُ ذاك الدليلُ بدليلِ الحديث، ويُقابَل النَّظَرُ بالنَّظَرِ الآخرِ، وعلى كلٍّ فالذي يظهر لي -والله أعلم- أنه يتيمَّم لو لم يكنْ مِن ذلك إلا أنه يشعر بأنه متعبِّد لله عز وجل بأَحدِ نوعي الطهارةِ لهذا العمل الذي تُشْرَع له الطهارة.

ما تقولون في رجلٍ أراد أن يتوضأ وليس عنده إلا ما يكفي وجهَه ويديه ( ... ).

***

(ويَجِبُ طَلَبُ الماءِ في رَحْلِهِ).

أولًا أفادنا المؤلف: (يَجِب) والواجب عند العلماء هو الذي لا بدَّ من فِعْله؛ قالوا: وهو ما أَمَر به الشارعُ على سبيل الإلزام بالفعل. هذا الواجب.

وحُكْمه: أنَّ فاعله مستحقٌّ للثواب، وتارِكه مستحقٌّ للعقاب. ونحن نقول: إن تارِكه مستحقٌّ للعقاب، ولا نقول: يُعاقَب تاركه؛ لأنه يجوز أن الله عز وجل يعفو عنه؛ {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ١١٦].

إذَن الواجب عند أهل العلم هو الذي أَمَر به الشارع على سبيل الإلزام بالفعل؛ يعني لازم تفعل.

حكمه: أن فاعله مستحقٌّ للثواب، وتاركه مستحقٌّ للعقاب.

إذَن طلبُ الماء هنا لازمٌ أنك تطلب.

<<  <  ج: ص:  >  >>