وأما السنة فإنها طافحة في تحريمه، ومنها ما ثبت في الحديث الصحيح؛ حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا، ومُوكِلَه وشاهِديه، وكاتِبَه وقال:«هُمْ سَوَاءٌ»(٦).
وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله في كتابه إبطال التحليل أنه جاء من الوعيد في الربا ما لم يأتِ في أي ذنب آخر سوى الشرك والكفر، وهذا مما يدل على شدة تحريم هذه المعاملة.
والمسلمون مُجمِعون على تحريم الربا في الجملة، وإن كانوا يختلفون في بعض التفاصيل، لكنهم في الجملة مُجمعون على تحريم الربا، كما نقول: إنهم مجمعون على وجوب الزكاة في الجملة، وإن كانوا قد يختلفون في بعض الأشياء، هل فيها زكاة أو ليس فيها زكاة.
الربا ينقسم إلى قسمين: ربا فضْل، وربا نسيئة.
ربا الفضل: هو الزيادة، يعني أن يكون الربا بالزيادة، كما لو بعت عليك صاعين من البر بكم؟ بثلاثة أصواع من البُرِّ، وربا النسيئة وهو القسم الثاني: هو أن أبيع عليك شيئًا ربويًّا بشيء ربوي مع تأخير القبض فيهما؛ مثل أن أبيع عليك صاعًا من البر بصاعٍ من الشعير مع تأخير القبْض، هذا يسمى أيش؟ ربا نسيئة، واعلم أن هذين القسمين قد ينفردان، وقد يجتمعان، فإذا بعتُ عليكَ عشرة دراهم بدينار مع تأخير القبض هذا ويش فيه؟ هذا ربا نسيئة ولَّا لا؟ لأني أخرت القبض.
وإذا بعتُ عليك صاعًا من البُرِّ بصاعين من البُرِّ مع القبض في مجلس العقد، هذا ربا فضْل، وإذا بعتُ عليك صاعًا من البُرِّ بصاعين منه مع تأخير القبض اجتمع فيه ربا النسيئة وربا الفضل، وإذا بعتُ عليك صاعًا من البُرِّ بصاعٍ من البُرِّ مع التسليم؛ انتفى ربا الفضل وربا النسيئة، فصار ربا الفضل وربا النسيئة قد يجتمعان وقد يرتفعان، وقد ينفرد أحدهما عن الآخر.
يقول المؤلف:(يحرم ربا الفضل في مكيل وموزون بيع بجنسه) مكيل مثل أيش؟