للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: (ولا يجوز بيع الدَّيْن بالدَّيْن) هذا له صور في الحقيقة ما هي صورة واحدة:

أولًا: بيع الدين بالدين؛ إما أن يكون على من هو عليه، أو على غير من هو عليه، فإن كان على غير من هو عليه فإنه لا يصح مطلقًا على المذهب.

مثال ذلك: أنا أطلب زيدًا مئة صاع بُرٍّ في ذمته، فجاءني رجل وقال: أريد أن تبيع عليَّ البر الذي لك في ذمة فلان فبعته عليه، فهذا لا يجوز مطلقًا على المذهب؛ لأنه باع الدَّيْن على غير من هو عليه.

وما هي العلة؟ لماذا نقول: إنه إذا باع الدين على غير من هو عليه لا يصح البيع؟

يقول: لأنه قد لا يتمكن من استيفائه، فيكون معجوزًا عنه، فيدخل في الغرر، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر (١٠).

وقال بعض أهل العلم -ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية-: يجوز أن يبيع الدين على غير من هو عليه بشرط أن يكون المشتري قادرًا على أخذه، هذه واحدة، وألَّا يربح فيه البائع؛ بمعنى ألَّا يبيعه بأكثر من ثمنه، وقال: إن الغرر ما دام المشتري قادرًا على أخذه فالغرر منتفٍ.

ثم إذا عجز عن أخذه ماذا يكون؟ هل يضيع حقه؟ لا، إذا عجز المشتري عن أخذ الدين فله الفسخ.

واشترطنا ألَّا يربح البائع في ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ربح ما لم يُضْمَن (١١)، والدَّيْن الذي لك في ذمة أحد ما دخل في ضمانك حتى الآن حتى تربح فيه، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم حين سأله عبد الله بن عمر قال: كنا نبيع الإبل بالدراهم فنأخذ عنها الدنانير، وبالدنانير فنأخذ عنها الدراهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَتَفَرَّقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ» (١٢)، الشاهد قوله: «بِسِعْرِ يَوْمِهَا»، إذا بيع الدين على غير من هو عليه صار في المسألة كم؟

طلبة: قولان.

الشيخ: في المسألة قولان.

قول: لا يصح، وعللوا ذلك بماذا؟

طلبة: بالغرر.

<<  <  ج: ص:  >  >>