الشرط الثاني: ألَّا يربح فيه البائع، فإن ربح فيه فهو حرام؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام لابن عمر:«لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخَذَهَا بِسْعَرٍ يَوْمِهَا»، ولنهيه عن ربح ما لم يُضْمَن.
فإذا قُدِّر أن مئة صاع من التمر يساوي تسعين صاعًا من الشعير وأنا أخذته بمئة صاع من الشعير، يجوز ولَّا ما يجوز؟
طالب: لا يجوز.
الشيخ: لا يجوز؛ لأني ربحت الآن في شيء ما دخل في ضماني.
طالب:( ... )؟
الشيخ: هذا -مثلًا- مئة صاع من التمر في ذمة فلان، جئت إليه أطلب منه مئة صاع من التمر، قال: ما عندي شيء، عندي من الشعير -إحنا عكسنا المثال، لكن لا بأس- عندي من الشعير، فقلت له: أعطني شعيرًا، قال: أعطيك بدل مئة صاع من التمر مئة صاع من الشعير، لكن قيمة مئة صاع من الشعير أكثر من قيمة مئة صاع من التمر، يجوز ولَّا لا؟
طلبة: ما يجوز.
الشيخ: ما يجوز؛ لأنه الآن ربحت في شيء لم يدخل في ضماني فلا يجوز.
إذا بعت عليه الدين بشيء لا يجري فيه ربا النسيئة يجوز ولَّا لا؟
يجوز، ولو لم يحصل القبض، لكن بشرط ألَّا يربح، فإن ربح فلا يجوز؛ لما سمعتم.
يشترط لبيع الدَّيْن بالدَّيْن على من هو عليه أيضًا ألَّا يتخذ حيلة على الربا، فإن اتخذ حيلة على الربا فهو حرام؛ مثل أن يبيع الدَّيْن الذي حل يبيعه بدين أكثر مؤجلًا، فيقول: عندك الآن مئة صاع من البر وحل، ولكن ليس عندك، أبيعه عليك بمئة صاع من التمر مؤجلًا، ومئة صاع من التمر أكثر قيمة من مئة صاع من البر، فهذا لا يجوز؛ لئلا يتخذ حيلة إلى قلب الدين.
فتبين بهذا أن إطلاق قول المؤلف:(لا يصح بيع الدين بالدين) ليس صحيحًا، بل لا بد في هذا من التفصيل؛ فبيع الدين بالدين إن تضمن محظورًا شرعيًّا فهو حرام، وإن لم يتضمن محظورًا شرعيًّا فهو حلال، إلا أن بيع الدين على غير من هو عليه على المذهب لا يجوز مطلقا؛ لأنه فيه جهالة.