للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (ومن باع عبدًا له مال فماله لبائعه إلا أن يشترطه المشتري) مناسبة ذكر هذه المسألة في باب بيع الأصول والثمار؛ لأن العبد أصل والمال فرع، فماله كالثمرة وهو نفسه كالأصل، فلهذا ذكروه في هذا الباب.

(من باع عبدًا له مال فماله لبائعه) ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَاعَ عَبْدًا لَهُ مَالٌ، فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ» (٣) هذا لفظ الحديث.

وقوله: (فماله لبائعه) قد تقول: إن في هذا تناقضًا، ففي الأول أضاف المال إلى العبد، ثم قال (لبائعه)، والجواب أن الإضافة الأولى للاختصاص فقط، كما تقول: السَّرْج للدابة، والفِناء للدار، ومعلوم أن الدابة لا تملك، وأن الدار كذلك لا تملك، لكن هذا من باب الاختصاص.

وفي قوله: (فماله لبائعه) العموم والشمول. كل ما يملك فهو لبائعه، وظاهر كلام المؤلف حتى ما مُلِّكه العبد، مثل أن يأتي شخص إلى العبد ويقول: خذ هذا لك وليس لسيدك فإنه ملك للسيد، فلو أن هذا العبد أُعطِي هدية من فاكهة أو ثياب أو نحوها، وأراد سيده أن يأخذ ذلك منه، له ذلك ولَّا لا؟

الطلبة: له ذلك.

الشيخ: نعم، له ذلك؛ لأن ملكه لبائعه.

وظاهر كلام المؤلف أن العبد لا يملك بالتمليك، وهذه مسألة فيها خلاف بين العلماء، فمنهم من قال: إن العبد يملك بالتمليك، ومنهم من قال: إنه يملك بتمليك سيده لا بتمليك غيره، تمليك سيده مثل أن يقول له: خذ هذا لك، فيملكه العبد، ويتصرف فيه كما شاء بدون إذن السيد، وأما إذا كان من غيره فإنه يكون لسيده، وقد ذكر ابن رجب رحمه الله في القواعد هذه المسألة، وفرَّع عليها مسائل كثيرة، وهو اختلاف العلماء في كون العبد يملك بالتمليك أو لا يملك.

<<  <  ج: ص:  >  >>