للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن عباس رضي الله عنهما: قدِم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فوجدهم يُسلفون في الثمار السنة والسنتين، فقال: «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» (٥). وهذا نص صحيح صريح.

وقال بعض العلماء: إن السَّلَم جوازه على خلاف القياس، وأن الأصل المنع، لكننا لا نستطيع أن نخالف النص، ولكن الصواب أن السَّلَم جوازه على وفق القياس؛ لأن فيه مصلحة، لمن؟ للبائع وللمشتري؛ أما المشتري فإن مصلحته أن الغالب أنه يحصل على أكثر، وأما البائع فمصلحته أنه يتعجل له الثمن.

ولنفرض أن هذا رجل فلاح احتاج إلى دراهم، فجاء إلى هذا التاجر، وقال: أنا أبيع عليك مئة كيلو من التمر بمئة ريال نقدًا تعطينيها الآن، يجوز ولَّا لا؟

الطلبة: يجوز.

الشيخ: يجوز.

إذن صارت مصلحة لمن؟ للبائع وللمشتري؛ أما البائع فظاهر، أخذ الدراهم وانتفع بها، وأما المشتري فإن مئة كيلو من التمر بمئة ريال لو أننا بعناها حاضرًا لكانت ثمانين كيلو من التمر بمئة ريال، لأن المشتري سوف ينتفع بزيادة المبيع، ليس الشيء الذي يُباع نقدًا كالشيء الذي يُباع مؤجلًا. فيحصل نفع البائع والمشتري. وهل في ذلك غرر؟ ليس في ذلك غرر.

هم يقولون: إن في ذلك غررًا؛ لأنك بعت شيئًا معدومًا، ولكن أنا أقول لهم: إننا ما بِعْنا شيئًا معدومًا؛ لأن العقد لم يقع على شيء معين حتى نقول: إنه معدوم، ولكنه على شيء موصوف في الذمة، أطالَب به، وهذا الذي أنا أطالبه إذا حل الأجل يعطيني من أي مكان، بخلاف المعيَّن.

قال المؤلف: (ويصح بألفاظ البيع) بأن أقول: بِعتُك مئة كيلو من التمر بعد سنة بمئة درهم.

ويصح أيضًا بألفاظ (السَّلَم)، فيقول: أسلمت إليك مئة ريال بمئة كيلو بعد سنة،

وبلفظ (السلف)، فيقول: أسلفت إليك مئة ريال بمئة كيلو بعد سنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>