للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإنما نص على ذلك: (لا وقت العقد) لنفي الخلاف في هذه المسألة، فإن من أهل العلم من قالوا: يُشترَط أن يكون الْمُسْلَم فيه موجودًا في وقت العقد وفي وقت الوفاء، وهذا مذهب أبي حنيفة رحمه الله، ولكن لا دليل عليه.

مثال ذلك: لو أسلمت إليك مئة درهم بمئة كيلو من العنب، أسلمت إليك ذلك في الشتاء على أن يَحِل في الشهر الفلاني الذي يوجد فيه العنب، فهنا العنب موجود متى؟ في وقت الوفاء ولَّا وفي وقت العقد؟

طلبة: في وقت الوفاء.

الشيخ: في وقت الوفاء، أما في وقت العقد فلا يوجد، ولا يشترط أن يكون موجودًا وقت العقد، إنما يشترط أن يكون موجودًا في وقت الوفاء وفي مكان الوفاء.

فإن كان لا يوجد في مكان الوفاء لكن يوجد في مكان آخر هل يصح ولَّا لا؟ ظاهر كلام المؤلف أنه لا يصح؛ وذلك لِمَا يترتب عليه من المشقة في تحصيله من المكان الآخر؛ لأننا نعرف الآن إنه إذا كان الزمن شتاء عندنا فهو في الجهة الجنوبية من الكرة الأرضية صيف، يوجد فيه فواكه الصيف، لكن لا عبرة بذلك لمشقة الحصول عليها ولا سيما في الزمن السابق قبل وجود الطيارات والسيارات.

ما هو الدليل على هذا الشرط؟ أو ما هو التعليل؟

الدليل على هذا الشرط ما يفيده حديثُ ابن عباس: كانوا يُسْلِفُونَ في الثمارِ السَّنَةَ والسَّنَتَيْنِ (١) ومعلوم أن الإسلاف في الثمار إنما يكون عند وجودها؛ إذ كيف يسلف الإنسان في الثمار وهي غير موجودة؟ هذا من جهة.

ومن جهة أخرى تعليل؛ لأنه إذا لم يوجد في مكان الوفاء وزمن الوفاء، أدى ذلك إلى التنازع والخصوم بين المسلم والْمُسْلَم إليه، هذا يقول: أحضر لي، ودا يقول: ما هو موجود، فيحصل في ذلك نزاع أو يفوت المقصود عليهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>