للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والصحيح ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله؛ أنه يجوز إقراض المنافع؛ لأنه لا دليل على المنع، والناس فيما بينهم كانوا يتعارفون بذلك، كان الناس فيما سبق يجتمع الفلاحون عند واحد منهم وينهون زرعه، ثم في اليوم الثاني يذهبون إلى الآخر، وينهون زرعه، وهكذا ..

صار الضابط الآن: أن كل ما يصح بيعه صح قرضه إلا بني آدم، ونستثني أيضًا وإلا المنافع. ولكن قد يقول قائل: إنها غير داخلة في قوله: (ما صح بيعه)؛ لأن المراد بما صح بيعه من الأعيان، وحينئذٍ فلا تدخل المنافع أصلًا حتى نحتاج إلى استثنائها.

قال: (ويُمْلَك بقبضه) (يُمْلَك) الضمير يعود على المُقرَض؛ يعني: على المال المُقرَض، يُمْلَك بمجرد القبض، ومن الذي يَملكه؟ الذي يَملكه المُقترِض، بمجرد ما يقبضه مَلَكَه.

فلو أنه استقرض مني مالًا، قال: اتفضل هذه عشرة ريالات قرضًا، ثم في نفس المكان قلت: هات، أعطني إياها، يلزم رد عينه ولَّا لا؟ قال المؤلف: (فلا يلزم رد عينه) لو قال: أعطني مالي، أقول: لا، أنت أقرضتني إياه، فأنا أملكه؛ لأنه انتقل منك على سبيل التمليك، فأملكه بالقرض.

قال: (فلا يلزم رد عينه، بل يثبت بدله في ذمته حالًّا، ولو أجله) في ذمة مَن؟ المقترِض، (حالًّا) يعني: بدون تأجيل، (ولو أجله) فإنه لا يتأجل؛ لأنه ليس عقد معاوضة حتى يُؤجَّل، فهو موضوعه الحلول، فإذا أجَّله خرج به عن موضوعه.

فلو قال قائل: أقرضني -يا فلان- عشرة آلاف ريال إلى سنة؛ لأني محتاجهن ولا عندي دراهم، لكن بعد سنة سيأتيني مال، فقال: أهلًا وسهلًا، هذه عشرة آلاف ريال إلى سنة رُحْ الله يبيحك.

<<  <  ج: ص:  >  >>