للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشيخ: على المذهب لك أن تطالبني، للمُقرِض أن يُطالب المقترِض في ثاني يوم، أما على رأي شيخ الإسلام فيرى أنه يتأجَّل إذا أُجِّل، قال: وهذا الأجل لا ينافي مقتضى العقد، بل هو من تمام مقتضى العقد؛ لأن المقصود بالقرض ما هو؟ الإرفاق والإحسان، وإذا أجَّلته صار ذلك من تمام الإنفاق والإحسان.

أيما أحسن للمقترِض أن يُطالَب فور الإقراض أو أن يتأجل إلى سنة أو سنتين، حسب ما يتفقان عليه؟

الثاني أرفق به، فيقول شيخ الإسلام: إن هذا من تمام الإرفاق والإحسان، فليس خارجًا عن مقتضى العقد، بل هو موافق له غاية الموافقة، هذا من وجه، من وجه آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ» (١)، وهذا شرط لا يخالف الشرع، وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١]، وهذا عقد على صيغة معينة، فيجب الوفاء به، وقال تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} [الإسراء: ٣٤]، والمقرِض الذي أجَّله قد تعهد لك بألَّا يطالبك إلا بعد انتهاء الأجل، فيكون هذا العهد مسؤولًا عنه عند الله، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ» منها: «إِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ» (٢)، وأنت قد وعدتني ألَّا تطالبني إلا بعد سنة، فإذا طالبتني قبل ذلك فقد أخلفتني.

فإذن دلالة الكتاب والسنَّة والمعنى كلها متفقة على أن التأجيل في القرض جائز، وأنه مُلزِم ولا بد منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>