للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المؤلف: (بوجود الماء ولو في الصلاة) هذه إشارة الخلاف؛ لأن العلماء إذا نصوا على الشيء وهو داخل في العموم السابق دل ذلك على أن فيه خلافًا احتاجوا أن يشيروا إليه.

انتبهو لقاعدة التصنيف: إذا كان هذا الحكم داخلًا في العموم لكن نصوا عليه بخصوصه فهو دليل على أن فيه خلافًا؛ لأن قوله: (ولو في الصلاة) داخل في عموم قوله: (يبطل بوجود الماء) يعني: لو سكت المؤلف ولم يقل: ولو في الصلاة، ثم وجد الماء في الصلاة، ماذا تقولون؟ قلنا: يبطل؛ لأن كلام المؤلف عام، لكن لما نص عليه قال: (ولو في الصلاة)، فلا بد أن يكون هناك سبب ليش نص عليه؟ لأن في المسألة خلافًا.

فقد ذهب كثير من العلماء إلى أنه لا يبطل التيمم بوجود الماء إذا كان في الصلاة، وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله، لكن قد قيل: إنه رجع عنها، وقال: كنت أقول: لا يبطل، فإذا الأحاديث تدل على أنه يبطل، فهذان قولان.

نحتاج الآن إلى أن نعرف أيهما أرجح، فنقول: الذين قالوا بأنه يبطل التيمم بوجود الماء ولو في الصلاة استدلوا بعموم قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً}، وهذا الإنسان وجد ماءً فبطل حكم التيمم، وإذا بطل حكم التيمم بطلت الصلاة؛ لأنه يعود إليه حدثه فتبطل الصلاة.

واستدلوا أيضًا بعموم قوله عليه الصلاة والسلام: «فَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ وَلْيُمِسَّهُ بَشَرَتَهُ» (٧)، قالوا: وهذا الآن وجد الماء، فإذا وجد الماء وجب عليه أن يمسه بشرته، وهذا يقتضي أن يبطل التيمم.

واستدلوا أيضًا بتعليل؛ وهو أن التيمم بدل عن طهارة الماء متى؟ عند فقده، فإذا وجد الماء زالت البدلية، فيزول حكمها، وحينئذٍ يجب عليه أن يخرج من الصلاة ويتوضأ ويستأنف الصلاة من جديد.

<<  <  ج: ص:  >  >>