لو قال قائل بهذا لم يكن بعيدًا؛ لأن ذلك مما جرت به العادة، ولأنه من حسن الجوار الذي أمر به الله ورسوله، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام:«مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ»(٦).
لكن لو تدلت الشجرة كلها عليَّ، مثل نخلة طويلة أصابها عاصف فاضطجعت حتى صار كل فرعها على بيتي، لي أن أطالبه بإزالته؟ إي نعم؛ لأن هذا ليس كالعسيب، لأن هذا يهددني، يمكن في يوم من الأيام يسقط على بيتي يكسر الجدار أو الزجاج، أو ربما يصيب أحدًا منا ( ... ).
الله تعالى:(ويجوز في الدرب النافذ فتح الأبواب للاستطراق لا إخراج رَوْشَن وساباط ودَكَّة ومِيزَاب).
(الدرب النافذ) هو الشارع المفتوح، يسمى دربًا نافذًا؛ لأنه نافذ، وضده الدرب المشترك المسدود.
فالأسواق الآن نوعان: أسواق نافذة، وأسواق غير نافذة مسدودة، الثاني تسمى الأسواق المشتركة، أما الأول فهو الأسواق العامة؛ لأن الأسواق النافذة عامة للمسلمين كلهم، كلٌّ ينتفع بها.
(يجوز في الدرب النافذ فتح الأبواب للاستطراق)، يعني أنا مثلًا لي بيت على الطريق النافذ، ولها باب واحد، وأردت أن أفتح بابًا آخر أتطرق منه، لي ذلك ولَّا لا؟ لي ذلك؛ لأن الطريق عامٌّ لجميع المسلمين.
(فتح الأبواب للاستطراق) هل لها مفهوم مخالفة أو أولوية؟ يعني هل يجوز أن أفتح الأبواب للإضاءة فقط، وهو ما يعرف عند الناس الآن الدرايش أو النوافذ أو الفُرَج، هل يجوز ذلك أو لا يجوز؟
نعم يجوز من باب أولى؛ لأنه إذا جاز فتح الباب للاستطراق فللإضاءة من باب أولى؛ لأن فتح الباب للاستطراق يحصل فيه شيء من التضييق على الطريق، أما هذه فليس فيها تضييق إطلاقًا.
وظاهر كلام المؤلف أنه يجوز فتح الباب، ولو كان مقابلًا لباب الرجل الآخر، فاهمين هذه؟