وإنما قال أبو هريرة ذلك لأنه كان أميرًا على المدينة رضي الله عنه، والأمير له السلطة أن يُلْزِم الناس بما تقتضيه الأدلة الشرعية.
على كل حال الحديث فيه النهي:«لَا يَمْنَعَنَّ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ عَلَى جِدَارِهِ».
لو قال صاحب الجدار: لا تضع الخشب حتى تُسَلِّم نصف قيمة الجدار، يلزمه أن يسلِّمها ولَّا لا؟
طلبة: لا يلزمه.
الشيخ: لا يلزمه؛ لأن الجدار ملك لبانيه، وهذا الجار إن رضي أن يكون شريكًا له في هذا الجدار ويشتريه منه فله ذلك، وإن لم يرضَ فإنه لا يُجْبَر، وبناءً على ذلك فإن ما يُعْرَف عند الناس بالمباناة لا تَحِلّ للجار، يعني بعض الناس إذا بنى بيته ثم جاء جاره وبنى، يقول: أعطني نصف تكاليف الجدار، هذا حرام عليه؛ لأنك إنما بنيت الجدار على أنه لك، ملكك، فما الذي يُحِلّ لك أن تأخذ نصف تكاليفه من هذا الجار؟ نعم، إن علمنا أن الجار تباطأ في البناء وتأخر علشان ذاك يبني فحينئذٍ نلزمه بأن يدفع القيمة؛ لأننا لو لم نلزمه لكان كل واحد يبغي يبني يقول: بسكت عشان صاحبي يقيم الجدار و ( ... ) من تكاليفه، وتكاليف الجدار ربما تكون مثلًا بعشرة آلاف ريال أو أكثر أو أقل حسب الحال.
إذا قال قائل: ما هي الحكمة في أن الشارع يُجْبِر صاحب الجدار على أن يُمَكِّن جاره من وضع الخشب على جداره؟
الجواب: أن الحكمة أن في هذا منفعة للجار بدون ضرر على جدارك، بل إن فيه مصلحة للجدار، ويش هي المصلحة؟
طلبة:( ... ).
الشيخ: يمسكه، يثبِّته أكثر ويقيه الأمطار والشمس التي قد تؤثر عليه، ففيه فائدة للجار، وفائدة لمالك الجدار، وليس هناك ضرر، ولهذا اشترطنا لجواز الوضع ألا يكون فيه ضرر على الجدار.
قال المؤلف:(وكذلك المسجد وغيره) يعني ومثل جدار الجار جدار المسجد، فإن لجار المسجد أن يضع الخشب على جدار المسجد، أو أن يغرزها فيه غرزًا، إذا كان الجدار طويلًا والسقف دونه فلي أن أحفر في الجدار وأغرزها.