استمع إلى كلام المؤلف قال:(ومن لم يقدر على وفاء شيء من دينه لم يُطالب به وحَرُم حبسُه) معلوم؛ الدليل قوله تعالى:{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}(نظرة) يعني: فعليكم نظرة، أو فالواجب نظرة أي: إنظارٌ إلى ميسرة، ولا يحل للحاكم الشرعي أن يحكم بحبسه أي: حبس المطلوب؛ لأن حبسه هل فيه فائدة؟ أبدًا لا يزيد الأمر إلا شدة، دعْه يطلب الرزق في أرض الله فلعله أن يوفي، أما أن تحبسه، فما الفائدة؟
فيحرم على القاضي أن يحبسه، بل ويحرم على القاضي سماع الدعوى في مطالبته متى تبيَّن له أنه فقير، ويجب على القاضي إذا نهى مَنْ له الدين عن الطلب وأصر يجب على القاضي أن يحبس أو أن يؤدب هذا المطالِب، لماذا؟ لأنه فعل معصية، وقد قال العلماء: التعزير واجبٌ في كل معصيةٍ لا حدَّ فيها ولا كفارة.
لكن لو ادعى العُسرة وهذه هي المشكلة الآن في عصرنا الحاضر يدعي العسرة وهو كاذب، هذه هي المشكلة، فهل نقبل منه إن ادعي العسرة، نقبل منه أنه معسِر أو لا بد من بينة؟ لا بد من بينة؛ ولهذا عندي في الشرح:(إن ادعى العسرة ودينه عن عوض أو لا، وعُرِفَ له مال سابق أو كان أقر بالملاءة حُبِسَ إن لم يكن بينة تخبر باطنَ حاله وإلا حُلِّف).
إذا ادعى العسرة وليس هناك قرينة تدل على أنه موسر فإنه يُحلَّف ويُخلَّى، فإن كان هناك قرينة تدل على أنه موسر مثل أن يكون دينه عن قرضٍ استقرضه مني، ولم تمض مدة يوفي فيها هذا القرض أو كان دينه عن عوضِ شيء اشتراه ولم تمض مدة على سلفه، المهم إذا دلت قرينة على أنه غير معسر فلا بد من بينة، وإن لم يكن قرينة حُلِّف وخُلِّيَ.
ثم قال المؤلف المسألة الثانية:(ومَنْ له قُدْرَة على وفاء دينه لم يُحْجَر عليه).