للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدليل على الحبس قول النبي عليه الصلاة والسلام: «لَيُّ الْوَاجِدِ ظُلْمٌ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ» (٣) «لَيُّ»: بمعنى مطل، و «الْوَاجِدِ»: القادر على الوفاء، «ظُلْمٌ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ» عرضه يعني: أن نذهب إلى الأمير ونقول: هذا رجل مماطل ( ... ) لا يوفي، هذا عِيبَة ولَّا لا؟ عِيبة، لكنها حلال؛ لأنها شكوى، «وَعُقُوبَتَهُ» -الحديث هنا يقول-: عقوبته، ولم يبين نوع العقوبة، بعض العلماء يقول: المراد بالعقوبة الحبس، وعندي أن الحديث ينبغي أن يكون على ظاهره وعلى إطلاقه، وأن يراد بالعقوبة: ما تجعله يُوفي ما عليه، قد يكون الحبس أنكى له فيبادر بالوفاء، وقد يكون الضرب أنكى له فيبادر بالقضاء، وقد يكون التشهير به أنكى له فيبادر بالقضاء.

قد يقول هذا الرجل: أنا والله في بيتي ما عندي طعام ( ... )؛ خبز يابس وفول، ما فيه دهن وما أشبه ذلك، أنا أحب أني أُحبَس؛ لأن الحبس يأكل أكلًا طيبًا ويُكرَّم، يقول: ما يخالف، الله ( ... ) هذا المكان فندق، وفيه كل شيء طيب، ( ... ) الحبس، هل نقول: إن هذا يزيده أو يُحَرِّصه على وفاء الدين؟ لا.

وقد يكون بعض الناس إذا جئنا به أمام الناس وشهَّرنا له في مجالس الناس أشد عليه من كل شيء.

فالصحيح أن العقوبة هنا مطلقة ترجع إلى من؟ إلى اجتهاد القاضي، أيّ عقوبة يقررها عليه فليفعل، هذا متى؟ إذا كان مالُه قدرَ دينه؛ لأنه لا حاجة للحجر، يؤمر بالقضاء فإن أبى وطلب صاحب الحق أن يُحبس حُبس على كلام المؤلف، أو إذا طلب أن يُعاقََب عوقب بما يراه القاضي على القول الثاني.

(فإن أصرَّ)؛ حبسناه ما فيه فائدة، ضربناه ما فيه فائدة، وبخناه عند الناس ما فيه فائدة، كل شيء نسويه به، يقول: افعلوا ما شئتم فلن أوفيَ، ماذا نقول؟ قال المؤلف: (فإن أصرَّ ولم يبع ماله باعه الحاكم وقضاه).

<<  <  ج: ص:  >  >>